معه مقيمة في البلد؟ أهو أن تكون معه في مصر واحد وحضر واحد؟ أم تكون معه في البلد وإن كانت بعيدة إلا أن البلد تجمعهم؟ قال: بل معناه أن تكون معه في حكم واحد، ويكون الذي يينهما قريبا مثل الأميال والبريد وما أشبهه، قلت لسحنون: فلو كان هو بالفسطاط والمرأة بالقلزم وبينهما مسيرة يومين، قال: ما أرى ذلك بكثير إذا أجازته في ذلك بالفور وأرسل إليها، فأجازت، قال: وأما ما تباعد عنه جدا مثل الإسكندرية أو أسوان أو ما بعد من المواضع، فإنه لا يجوز وإن أجازت، قال أصبغ مثله.
قال محمد بن رشد: أما إذا زوجها بغير إذنها وهي بعيدة عنه أو قريبة فتأخر إعلامها بذلك فلا يجوز النكاح وإن أجازته، باتفاق من قول مالك وجميع أصحابه إلا ما تأول أبو إسحاق التونسي من أن اختلاف قول مالك يدخل في القريب والبعيد ويفسخ قبل ما لم يدخل، وهو ظاهر قول ابن القاسم في رسم الجواب من سماع عيسى، واختيار محمد بن المواز، وقيل: ما لم يطل بعد الدخول، وهو قول ابن القاسم في رسم شهد من سماع عيسى، وقيل: إنه يفسخ أبدا وإن طال، وهو قول أصبغ، واختلف هل يكون الفسخ فيه بطلاق؟ وهل يتوارثان إن مات أحدهما قبل الفسخ، على قولين نص عليهما وهما قائمان من المدونة؛ لأنه نكاح مختلف في جوازه بين أهل العلم، وقد نص في المدونة على الاختلاف في وجوب الطلاق والميراث فيما يفسخ من الأنكحة التي اختلف أهل العلم في جوازها، وتقع الحرمة به وإن فسخ قبل الدخول إذا كان الفسخ بعد الرضا باتفاق، واختلف إذا فسخ قبل الرضا أو قدمت فأنكرت، فقال مالك في المدونة: إني لا أحب له أن يتزوج أمها ولا أن يتزوجها أبوه ولا ابنه، وقال أصبغ: بل لا يحل ذلك، وأجازه ابن الماجشون، وهو الصحيح، وإياه اختار ابن أبي زيد، لأنها إذا أنكرت فلم يتم بينهما شيء تقع به الحرمة، واحتج بأن الرجل لو قال: قد زوجت ابني فلانا إن رضي، فقال فلان: لا أرضى، لم تقع به الحرمة وإن كان له الرضى بإجماع، فهذا أحرى