بدفع إلى رجل، إني لا أرى ذلك حسنا، فيما سئل عنه من ولاية بضعها في النكاح، ليس معناه أنه استحسن أن يلي العقد عليها ولا يرفع ذلك إلى السلطان، وإنما معناه إني لا أرى إمضاء ذلك حسنا إن فعل، بدليل قوله: لو رجع ذلك إلى الإمام ينظر فيه، لأن معناه: ولو رفع ذلك إلى الإمام ينظر فيه لكان أحسن، ويؤيد هذا قوله في المدونة فيمن أوصى إلى رجل أن يتقاضى دينه ويبيع تركته: لو زوج بناته لرجوت أن يكون واسعا، ولكن أحب إلي أن يرفع ذلك إلى السلطان حتى ينظر فيه، والقياس ما قاله ابن حبيب أنه إذا قال: فلان وصي على مالي، فليس بوصي على الولد في تزويجهم؛ وإنما يكون وصيا في تزويجهم إذا قال: فلان وصيي، ولم يزد، أو قال: فلان وصيي على بضع بناتي، وقوله: إذا أوصى بتزويج ابنته وتعجيل ذلك وهي بنت ثماني سنين، إن وصيته جائزة، يريد: سمى له الزوج أو فوض إليه الرضا؛ لأن ابن حبيب حكى عن مالك وأصحابه أنه قال: إذا قال له: زوج ابنتي من فلان أو ممن ترضى، نزل في ذلك بمنزلته وكان له أن يزوجها قبل بلوغها وبعد بلوغها بغير مؤامرتها، وإنما الذي لا ينزل في ذلك بمنزلته ويكون أحق بتزويجها من الأولياء بعد بلوغها ومؤامرتها إذا قال: فلان وصيي فقط، أو قال: فلان وصيي على بضع بناتي، قال: وسواء كانت بناته أبكارا أو ثيبات، قال: وكذلك كل من كانت ولاية تزويجها إلى الموصي فالوصي أحق بتزويجهم من الأولياء إذا قال: فلان وصيي، ولم يزد على ذلك، وقال سحنون: ليس بولي في الثيب التي لا ولاية له عليها، وقال أصبغ: الولي أولى منه، وروى علي بن زياد عن مالك في رجل أوصى بابنته إلى رجل وأمره أن يزوجها إذا بلغت رجلا سماه، أن ذلك ليس بجائز عليها إذا بلغت فكرهت ذلك، وليس بمنزلة إنكاح الأب إياها إذا بلغت وهي كارهة، لأن الرجل قد يكون مرضيا مرغوبا فيه ثم يتحول حاله عن ذلك بعد، ولعل الأب لو عاش حتى تبلغ ابنته لم ينكحها حينئذ، وقد كان قبل ذلك راضيا مغتبطا، ولعله لو عاش لم يكره ابنته على