{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٣] فخادم امرأته كغيرها في هذا.
قال محمد بن رشد: لم ير مالك الخصيان من غير أولي الإربة من الرجال الذين أباح الله للنساء أن يبدين لهم زينتهن، إذ قد يحتاج الخصي إلى أشياء من أمور النساء ويتزوج، ولعله إنما خصي بعد أن اطلع على عورات النساء وعرف محاسنهن، وإذا كان النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قد نهى أزواجه من أن يدخلن المخنثين عليهن لما سمعه من فطنتهم لمحاسن النساء، فالخصيان بالمنع من الدخول على النساء أولى، وهم بذلك أحرى، واستخف أمر العبيد منهم إذا كانوا أوغادا ولم تكن لهم مناظر، كانوا للمرأة أو لزوجها أو لغيرهما؛ استحسانا، والقياس ما في رسم طلق بعد هذا من التفرقة بين أن يكون الخصي لها أو لزوجها أو لغيرهما؛ إذ لم يجعله من أولي الإربة.
وقد اختلف في غير أولي الإربة الذين عناهم الله بقوله:{أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ}[النور: ٣١] فقيل: هو الأحمق والمعتوه الذي لا يهتدي لشيء من أمور النساء، وقيل: هو الحصور والعنين الذي لا ينتشر ولا حاجة له في النساء، ولما كان الخصي مثله في المعنى، استخف مالك في هذه الرواية أن يدخل على المرأة إذا كان عبدا وغدا، وإن لم يكن لها ولا لزوجها، على أصله في مراعاة الخلاف، واستخف أن يرى فخذ الرجل مكشوفا عنها لما جاء من أن الفخذ ليس بعورة، وأما رؤية خادم المرأة فخذ الرجل منكشفا عنها فالمنع في ذلك بين لأن حكم المرأة في النظر إلى الرجل الأجنبي كحكم الرجل في النظر إلى ذوات محارمه، بدليل إباحة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت قيس أن تعتد عند ابن أم مكتوم الأعمى، ولا يجوز للرجل أن ينظر إلى فخذ أمه، وقد قيل: إنه لا يجوز للمرأة أن تنظر من الرجل إلا إلى ما يجوز للرجل أن ينظر من المرأه، ومن حجة هذا القائل أن الله تعالى قال:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}[النور: ٣١] كما قال: