بها إلا برضاها أو رضى أبيها، قال مالك: لا أدري ما رضاها أو رضى أبيها؟ إن كان الشرط برضاها مع رضى أبيها فليس له أن يخرج بها حتى يرضيا، وإن كان رضاها وحدها فله أن يخرج بها إذا رضيت، فقال له زوجها: إنها بكر ولم أدخل بها بعد، قال: لا يضرك ذلك، والبكر والثيب يا هذا سواء، إذا رضيت البكر وكان الرضى لها دون أبيها فله أن يخرج بها.
قال محمد بن رشد: لم يذكر في السؤال أن الشرط مقيد بطلاق ولا تمليك، وإيجاب مالك عليه إن كان الشرط برضاها مع رضى أبيها، ألا يخرج بها حتى يرضيا جميعا، يدل على أنه إنما تكلم على أن الشرط مقيد بطلاق على ما في رسم إن أمكنتني، من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق، ولو كان الشرط مقيدا بتمليك لكان الاعتبار رضاها دون رضى أبيها لأن الشرط إنما أخذ لها، فإن رضيت أن يخرج بها وكانت هي المملكة كان ذلك إسقاطا لحقها، وإن كان الأب هو المملك كان ذلك منه رضى بالبقاء مع زوجها وأمر الأب باتباع رأيها إلا أن يبدر فيطلق قبل أن ينهاه السلطان فينفذ الطلاق على ما يأتي في رسم استأذن من سماع عيسى. وإن كانا جميعا مملكين لم يكن له أن يطلق دونها إذ قد رضيت هي بإسقاط حقها، ولو خرج بها دون رضاهما جميعا لم يكن لأحدهما أن يقضي بالفراق دون صاحبه لأنهما جميعا مملكان فيه، فليس لأحدهما أن ينفرد به، ولو لم يكن الشرط مقيدا بشيء لم يلزم ذلك الزوج بحكم على مذهب مالك وجميع أصحابه إلا أنه يستحب له الوفاء به عندهم لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج» وإنما توقف مالك في شرط الرجل لامرأته أن لا يخرج بها إلا برضاها أو رضى أبيها فقال: لا أدري ما رضاها ورضى أبيها، إلى آخر قوله؛ لأن لفظة (أو) لها مواضع في وضع اللسان يصلح منها ثلاثة في هذا المكان، أحدها أن يكون أراد بها التخيير بين الرضاءين، كقول الله عز وجل: