من ذلك ما لا ينبغي، ولعله أن يتركها معلقة، وقد سمعت الناس يقولون: إنه يزداد، ولو كان من ذلك الشيء اليسير الذي يستيقن معرفة الناس أنه لا يزداد ما رددتها، ولكنه أمر لا يعرف، فلذلك رأيت أن ترد، وللمرأة على الرجل مثله.
قال محمد بن رشد: رأى مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية ابن القاسم هذه قليل البرص عيبا في النكاح وإن أمنت زيادته، فأوجب الرد به للرجل على المرأة وللمرأة على الرجل، ولم ير ابن القاسم أن ترد به المرأة إلا من أجل أنه لا يؤمن أن يزيد، فيلزم ذلك الزوج ولا يكون له منه خروج إلا بالطلاق، وقد يكون ذلك قبل الدخول فيلزمه نصف الصداق، وفي ذلك عليه ضرر، فلا يجب على مذهب ابن القاسم للمرأة أن ترد الرجل بقليل البرص وإن خشيت زيادته لأنه إن زاد وأضر بها فرق بينهما على مذهبه، وهو نص قوله في رسم نقدها من سماع عيسى، فلا حجة للمرأة عنده فيما يتوقع من زيادته، فقوله في آخر المسألة: وللمرأة على الرجل مثله، إنما هو من قول مالك لا من قول ابن القاسم، ولمالك في كتاب ابن المواز من رواية أشهب عنه أن الأبرص لا يفرق بينه وبين امرأته وإن غرها، يريد: في اليسير، خلاف قوله في هذه الرواية مثل مذهب ابن القاسم، وقد روى علي بن زياد عن مالك في الأبرص أنه لا يفرق بينه وبين امرأته وإن كان شديدا، قاله مالك في كتاب ابن المواز، يريد: إذا كان حادثا بعد العقد. فيتحصل القول في هذه المسألة أن الرجل إذا غر المرأة بالبرص يكون به من قبل العقد، فإن كان شديدا كان لها رده به باتفاق، وإن كان يسيرا كان لها رده به على اختلاف، وإذا حدث به بعد العقد، فإن كان يسيرا فلا يفرق بينهما باتفاق، وإن كان كثيرا فيفرق بينهما على اختلاف، وأما البرص بالمرأة فإن كان من قبل العقد كان للرجل ردها به إن كان كثيرا أو يسيرا لا تؤمن زيادته باتفاق، وإن كان يسيرا تؤمن زيادته فعلى اختلاف، وأما إن كان حادثا بها بعد العقد فمصيبة نزلت بالزوج إن شاء طلق وان شاء أمسك، ولزمه نصف الصداق قبل الدخول وجميعه بعد الدخول، وبالله التوفيق.