للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للسلطان أن يزوجها؟ قال: نعم.

قال محمد بن رشد: مغيب الرجل عن ابنته البكر ينقسم على ثلاثة أقسام: أحدها أن تكون غيبته قريبة، والثاني أن تكون غيبته بعيدة منقطعة، والثالث أن يكون أسيرا أو فقيرا، فأما إذا كانت غيبته قريبة لعشرة أيام وما أشبه ذلك، فلا اختلاف في أنها لا تزوج في مغيبه، فإن زوجت في مغيبه فسخ النكاح، زوجها الولي أو السلطان، قاله ابن حبيب في الواضحة، وأما إذا كانت غيبته بعيدة منقطعة مثل إفريقية أو طنجة أو الأندلس من مصر وما أشبه ذلك، فاختلف في ذلك على أربعة أقوال: أحدها أن الإمام يزوجها إذا دعيت إلى ذلك، وإن كانت نفقته جارية عليها ولم يخف عليها ولا استوطن البلد الذي هو به، وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية وفي المدونة، وقد تؤول على ما في المدونة من قوله فيها: وأما من خرج تاجرا وليس يريد المقام بتلك البلاد فلا يهجم السلطان على ابنته أنها لا تزوج، إلا أن يستوطن ذلك البلد وهو القول الثاني، والقول الثالث أنها لا تزوج إلا أن يستوطن ذلك البلد ويطول مقامه فيه العشرين سنة والثلاثين حتى يؤيس من رجعته، وهو قول ابن حبيب في الواضحة، والرابع أنها لا تزوج أبدا وإن طال مقامه، وهو ظاهر قول مالك في كتاب ابن المواز وقول ابن وهب في رسم الأقضية من سماع يحيى لأنه قال فيه: وإن كان الأب يجري لها النفقة ولا يزال يتفقدها بما يصلحها حتى يؤمن عليها الضيعة، فلا يجوز للإمام ولا غيره أن يفتات على أبيها بإنكاحها، والاختلاف بينهم إذا قطع الأب عنها النفقة في مغيبه هذا، وخشيت عليها الضيعة في أنها تزوج، وإن كان ذلك قبل البلوغ، وإنما اختلفوا هل يزوجها ها هنا الولي دون السلطان أم لا؟ فالمشهور أنه لا يزوجها إلا السلطان لأنه حكم على غائب برضاها، وقال ابن وهب في سماع يحيى ومثله في كتاب ابن المواز: الولي يزوجها برضاها، والوجه في ذلك أن ولايته قد سقطت عنها بتضييعه لها ومغيبه عنها، فكان كالميت، فالقول بأن الإمام يزوجها في بعد غيبة أبيها وإن كانت نفقته جارية عليها، جار على القول بأنه ليس له أن يعضلها عن النكاح، فإن زوجها الولي مضى النكاح ولم يفسخ، والقول بأنها لا تزوج في بعد غيبته عنها

<<  <  ج: ص:  >  >>