نكاح التفويض بصدقات نسائها إذا كن على مثل حالها من العقل والجمال والمال، فلا يكون لها مثل صداق نسائها إذا لم تكن على مثل حالها، ولا مثل صداق من لها مثل حالها إذا لم يكن لها مثل نسبها، والدليل على ذلك من مذهبه قوله في المدونة: ولكن ينظر إلى أشباهها في قدرها وجمالها وموضعها أي موضعها من النسب، فاشتراط الموضع يدل على أنه أراد بقوله فيها: لا ينظر في هذا إلى نساء قومها أنه لا يفرض لها مثل صدقات نساء قومها إذا لم تكن على مثل حالها من المال! والجمال والعقل، فالاعتبار عنده بالوجهين جميعا، إذ قد تفترق الأختان في الصداق كما قال فيها بأن تكون إحداهما لها المال والجمال والشطاط، والأخرى ليس لها شيء من ذلك، فمعنى قوله في هذه الرواية: لا يقضى لها بصداق واحدة منها يريد إذا لم تكن على مثل حالها وفي زمانها أيضا إذ قد تختلف الصدقات باختلاف الأزمنة على ما قال، وقد تأول بعض الناس على مالك أنه إنما ينظر إلى أمثالها من النساء في جمالها ومالها وعقلها ولا ينظر إلى نساء قومها، وليس ذلك بصحيح على ما بيناه من مذهبه في المدونة، ونساء قومها اللواتي يعتبر بصداقهن أخواتها الشقائق وللأب وعماتها الشقائق أيضا وللأب، ولا يعتبر في ذلك بصدقات أمهاتها ولا خالاتها ولا أخواتها للأم ولا عماتها للأم، لأنهن من قوم آخرين، فقد تكون هي قرشية يرغب فيها لنسبها وتكون أمهاتها وأخواتها للأم وعماتها للأم من الموالي، والأصل في الاعتبار بنساء قومها في ذلك «حديث عبد الله بن مسعود روي أنه أتي إليه في امرأة توفى عنها زوجها ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها فترددوا إليه فلم يفتهم، فلم يزالوا به حتى قال: إني سأقول فيها برأي، أرى لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث، فقام معقل بن سنان فشهد أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى في بروع بنت واشق الأشجعية بمثل