نكح وهو مريض ثم ماتت أيرثها؟ فقال: لا يرثها ولا ترثه، أنا أقول: ليس ذلك النكاح بشيء فكيف يرثها؟ قال سحنون: هذه الرواية أفضل من رواية ابن القاسم، وسئل عنها سحنون فقال مثله، ورواها أصبغ عن أشهب وقال: هو رأيي لم أزل أقوله وأرد خلافه، وقد ذكره ابن وهب عن مالك وليس رواية ابن القاسم عندي بشيء.
قال محمد بن رشد: قد حكى ابن القاسم عن مالك القولين جميعا في النكاح الثاني من المدونة، وذكر أن الذي رجع إليه منهما أن يثبت النكاح إذا صح وأمره أن يمحو القول الأول، وإياه اختار ابن القاسم، وهو الأظهر، لأن المرض ليس بعلة في فساد النكاح إلا من أجل ما يخشى من الموت، ولو أمكن أن يعلم أنه لا يموت من ذلك المرض ويصح منه لجاز النكاح فيه، فإذا صح كشف الغيب بصحته أن النكاح وقع في حال يصح إيقاعه فيه فوجب أن يجوز، ووجه القول الأول أنه نكاح فسد لوقوعه في حال لا يصح إيقاعه فيه فوجب أن لا يصح بزوال تلك الحال، أصل ذلك المحرم لا يثبت نكاحه وإن لم يعثر عليه حتى حل من إحرامه، والذي يبيع أو يشتري بعد النداء يوم الجمعة لا يثبت بيعه وشراؤه إذا لم يفسخ حتى انقضت الصلاة على القول بوجوب فسخه، وليس ذلك بقياس صحيح لأن العلة ها هنا الإحرام وحضور الصلاة. ألا ترى أنا لا نجيز للمحرم النكاح وإن علمنا أنه سيحل منه ولا لمن تجب عليه الجمعة البيع في وقت صلاة الجمعة وإن علمنا أن الوقت المنهي عن البيع والشراء فيه سينقضي، فبان الفرق بين الموضعين. وأما قوله: إنه لا يرثها، فإنما يأتي على ما اختاره سحنون من أن كل نكاح كان الزوجان فيه مغلوبين على الفسخ فلا طلاق فيه ولا ميراث، وأما على ما اختاره ابن القاسم من أن الطلاق والميراث يكونان في كل نكاح اختلف الناس فيه، فينبغي أن يرثها لأنه نكاح مختلف فيه لا سيما على قوله بأن النكاح يثبت إذا صح، لذهاب العلة بالصحة، لأنها تذهب أيضا بالموت إذ لا يمكن أن ترثه هي بعد الموت، وأما