قال محمد بن رشد: قد مضى في رسم البز من سماع ابن القاسم القول في حكم البرص يقربه أحد الزوجين أو يحدث به بعد العقد فلا معنى لإعادة ذلك، وأما الجذام البين فسواء كان بالزوج من قبل العقد أو حدث به بعد العقد فيما يجب للزوجة من أن يفرق بينها وبينه، فإن فرق بينهما قبل الدخول لم يكن لها شيء من الصداق، وإن فرق بينهما بعد الدخول كان لها جميع صداقها، وإن رجي برؤه لم يفرق بينهما إلا بعد أن يضرب له أجل لعلاجه، قاله ابن القاسم في المدونة. ولأشهب في سماع زونان أنه لا يفرق بينهما إلا أن يكون متفاحشا لا يحتمل النظر إليه وتغض الأبصار دونه، ومعنى ذلك إذا كان حادثا فلا اختلاف في وجوب التفرقة بينهما بالجذام الذي يكون بالزوج، قبل العقد إذا كان بينا وإن لم يكن متفاحشا، فإن رضيت بالمقام معه ثم أرادت بعد ذلك القيام عليه ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك ليس لها إلا أن يزيد، وهو قول ابن القاسم في رسم الجواب بعد هذا، والثاني: أن ذلك ليس لها وإن زاد، وهو دليل قول ابن وهب في سماع زونان قوله فيه إنه يفرق بينهما وإن لم يكن مؤذيا ولا فاحشا لأنه يزيد ولا تؤمن زيادته وانتقاصه، والثالث: أن ذلك لها وإن لم يزد، وهو ظاهر قول أشهب في سماع زونان، قاله في الفاحش على أصله في أنه لا يفرق بينهما إلا فيه، وأما إذا كان الجذام بالمرأة، فإن كان قديما قبل العقد كان للزوج ردها به إذا كان بينا وإن لم يكن فاحشا، وإن كان حادثا بعد العقد فهي مصيبة نزلت بالزوج، إن شاء طلق ويكون عليه نصف الصداق قبل الدخول وجميعه بعد الدخول، وإن شاء أمسك. وأما الجنون بالزوج فسواء أيضا كان به قديما قبل العقد أو حادثا بعده من حق الزوجة أن يفرق بينه وبينها به بعد أن يضرب له أجل سنة لتداويه، قيل: وإن كان يعفيها من نفسه ولا يخاف عليها منه، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في رسم باع شاة من سماع عيسى بعد هذا، وقيل: بل إذا كان لا يعفيها من نفسه ويخاف عليها منه، وهو قول ابن وهب وأشهب في سماع زونان وقول ربيعة في النكاح الثاني من المدونة، فإن فرق