المفقود فتتزوج في العدة هل تحرم على من تزوجها في العدة كما تحرم التي تتزوج في عدة الوفاة؟ قال: إذا تزوجت في الأربع سنين فرق بينهما دخل بها أو لم يدخل بها، ثم يخطب مع من يخطب إذا حلت إن أحب، وإذا تزوجها في الأربعة الأشهر وعشر التي تكون بعد الأربع سنين فإنه إن دخل بها فرق بينهما ثم لا يتناكحان أبدا، وهو بمنزلة من تزوج في العدة وكذلك قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قال محمد بن رشد: وهذا ما دام أمره لا يعرف، فإن عرفت حياته أو عرف أن موته كان في وقت لا تكون تلك الأشهر عدة فلا تحرم بذلك ولا يكون ناكحا في عدة، وكذلك لو جاء أنه مات بعد الأربعة أشهر وعشر فلا يكون ناكحا في عدة، وكذلك لو تزوجها في الأربع سنين أو بعد انقضاء الأربعة الأشهر وعشر ثم انكشف أن تزويجها كان في عدة من موته فإنها تحرم عليه ويكون ناكحا في عدة، ولو تزوجت في العدة ففسخ النكاح ثم تزوجت بعد الاستبراء بثلاث حيض ثم قدم المفقود أو علمت حياته لكان متزوجها في العدة متزوجا في عدة لأن الأربعة الأشهر التي بعد أجل المفقود محمولة على أنها عدة توجب التحريم على من تزوج فيها في موضعين: أحدهما ما لم تعلم حياته ولا موته، والثاني إذا قدم أو علمت حياته بعد أن تزوجت تزويجا صحيحا لأنه إذا انكشفت حياته أو موته قبل أن يفوت فالنكاح صحيح على ما ينكشف في ذلك مما هو عدة أو ليس بعدة، هذا كله معنى ما في المدونة وكتاب ابن المواز وغيره، قال في المدونة: لأن عمر بن الخطاب فرق بين المتناكحين في العدة في الجهل والعمد وقال: لا يتناكحان أبدا، وهذا يدل على أن تحريمها عليه أبدا إنما هو عبادة لا لعلة، وأما على ما قالوا من أن ذلك إنما هو عقوبة لما فعل من مخالفة أمر الله بتعجيل النكاح قبل أن يبلغ الكتاب أجله فكان الأظهر إذا تزوجها بعد انقضاء الأربع سنين وبعد انقضاء الأربعة أشهر وعشر ألا تحرم عليه إن انكشف أن نكاحه إياها كان في عدتها وأن يكون معذورا بجهله إذ لم يتعد ولا فعل إلا ما يجوز له مع ما في ذلك من الاختلاف؛ لأن علي بن أبي