وهو أنه في النكاح جعل على ما لا منفعة فيه للجاعل، وفي البيع جعل على ما له فيه منفعة، إذ قد يشترط على المشتري في البيع أكثر من الجعل فيكون قد انتفع بالزيادة التي صارت إليه، وإن اشترط على الزوج في النكاح شيئا لم يكن له وكان للزوجة؛ لأن كل ما اشترطه الولي من حباء أو كرامة فهو للزوجة، فصار قد أعطى الجعل على ما لا منفعة له فيه، وهو وهم من قائله إذ لا فرق في هذا بين النكاح والبيع؛ لأن من وكل رجلا على أن يبيع له سلعة فباعها واشترط لنفسه على المشتري شيئا يأخذه منه فلا حق له فيه، وهو لرب السلعة كما يشترط الولي على الزوج سواء، فالفرق بين المسألتين هو ما ذكرناه لا ما سواه، والله أعلم. وتشبيه ابن القاسم في هذه المسألة مسألة الذي يوكل الرجل أن يزوج وليته المالكة لأمر نفسها يزوجها دون أن يسمي لها الرجل وتعرفه بمسألة مالك في التي تفوض أمرها إلى وليها وتجعل إليه إنكاحها فيزوجها دون أن يسمي لها الزوج أو تعرفه ليس بصحيح؛ لأن مسألة مالك قد قدمت المرأة فيها وليها والمسألة الأولى لم تقدم وليها فهما مسألتان مفترقتان، أما الذي زوج وليته قبل أن يستأمرها أو وكل رجلا فزوجها قبل أن يستأمرها فلا اختلاف أن النكاح لا يلزمها إذا لم ترض به، واختلف إن رضيت به فقيل: إن النكاح جائز، وهو دليل قوله في آخر المسألة وإن كان في مسألتك قد دخل بها رأيت أن يثبت لأن ذلك منها رضى، وقيل: إنه لا يجوز وهو ظاهر قوله في صدر المسألة فسخ النكاح إن كان لم يدخل بها إذ لم يفرق في ذلك بين قرب ولا بعد، وقيل: يجوز في القرب ولا يجوز في البعد، وهو المشهور حسبما مضى بيانه في أول رسم من سماع ابن القاسم، واختلف إن وقع النكاح في البعيد أو في القريب على القول بأنه لا يجوز، فقيل: إنه يفسخ ما لم يدخل، وهو قول ابن القاسم هاهنا واختيار محمد بن المواز، وقيل: يفسخ ما لم يطل بعد الدخول، وقيل: يفسخ أبدا وإن طال على ما مضى القول فيه في سماع ابن القاسم أيضا، وأما الذي وكلته وليته أن يزوجها فزوجها ولم يسم لها الزوج فقيل: إن النكاح يلزمها وإن لم ترض، وهو قول سحنون هنا وفي سماع