امرأته فارددها إليه بعد أن يحلف بالله ما طلقها، ولا يطأها حتى يستبرئ رحمها بثلاث حيض، فإن لم تكن له بينة فلا يقبل قوله ولا إقرارها بأنها امرأته ويفرق بينهما، ويسأل الآخر البينة على نكاحها فإن ثبتت له بينة فارددها إليه واستحلفه بالله الذي لا إله إلا هو ما طلقها ولا صالحها إن قامت له بينة على أصل النكاح، وإن لم تقم له بينة فرق بينهما ولتكن أولى بنفسها تنكح من أحبت.
قال محمد بن رشد: معنى هذه المسألة أن المرأة التي ادعى كل واحد منهما أنها زوجته بائنة عنهما، منقطعة بنفسها، ليس في ملك أحدهما وتحت حجابه، وقوله: يسأل الأول البينة يريد الأول على ما أقرت له به الزوجة من ذلك وإن لم تصدق في إقرارها له بذلك، ويحتمل أن يريد الأول على دعواهما مثل أن يقول أحدهما تزوجتها في المحرم من سنة كذا ولا أدري ما يقول هذا، ويقول صاحبه تزوجتها في رجب من تلك السنة ولا أعلم له فيها نكاحا، قيل: الأول أظهر، وإنما حلف الأول ما طلقها إذا كانت له بينة أنها امرأته وإن لم تدع عليه امرأته الطلاق لأن سكوته على خروجها من عنده وبينونتها بنفسها وتصيرها إلى غيره على ما زعمت من أنه تزوجها بشبهة تدل على أنه قد طلقها لعله أقوى من الشاهد الواحد على الطلاق ويمين الثاني أبين لدعوى المرأة عليه الطلاق مع كونها خارجة عن ملكه منقطعة بنفسها، وكذلك تقول على هذا لو انتقلت امرأة عن زوجها وبانت بنفسها ولم يظهر منه إنكار لذلك حتى طال الأمر فتزوجت أو أرادت التزويج وزعمت أنه طلقها فأنكر أن اليمين لازمة له وإن لم يكن لها شاهد لأن هذه الأسباب تقوم لها مقام الشاهد، ولو أقام كل واحد منهما بينة ولم تؤرخ لم يكن لواحد منهما نكاح إذا كانتا عدلتين وإن كانت إحداهما أعدل من الأخرى، ولو كانت هذه المرأة التي تداعيا فيها في ملك أحدهما وعياله وتحت حجابه وهما طارئان أو مقران بالنكاح مع اشتهار ذلك وإعلانه لكانت البينة على الآخر، فإن لم يأت ببينة على ما ادعى من أنها زوجته بقيت تحت الذي هي في ملكه وتحت حجابه ولم تجب عليه يمين على معنى ما في رسم الكبش من سماع يحيى، وسيأتي الكلام على ذلك هناك إن شاء الله.