لسفره؛ لا إعادة عليه إلا في الوقت، فأما الذي يقوم لصلاته وهو مسافر فيسهو فيتم ساهيا، فهذا يعيد أبدا.
قال محمد بن رشد: قصر الصلاة في السفر على مذهب مالك سنة، فإذا أتم المسافر الصلاة في السفر جاهلا، أو متعمدا، أو متأولا، أو ناسيا لسفره يرى أنه في حضر؛ فلا إعادة عليه إلا في الوقت على طريق الاستحباب؛ ليدرك فضل السنة. واختلف إن أحرم بنية صلاة السفر ركعتين، ثم أتم صلاته متعمدا أربعا على قولين: أحدهما: أنه يعيد في الوقت وبعده، ووجه ذلك أنه لما أحرم بنية القصر فكأنه قد التزم قول من يوجب القصر، فلم يصح له الإتمام على ذلك الإحرام، وقيل: إنه يعيد في الوقت. ووجه ذلك أن القصر لما لم يكن عليه واجبا لم يوجبه عليه التشبث بالصلاة، فعلى القول الأول: المسافر مخير بين القصر والإتمام ما لم يتشبث بالصلاة، فإذا تشبث بها لم يكن له أن يتم على خلاف ما أحرم عليه من القصر أو الإتمام، وهو الذي يأتي على ما في المدونة، وعلى القول الآخر المسافر مخير بين القصر والإتمام مطلقا، فإذا أتم صلاته، وإن كان قد أحرم بنية القصر أعاد في الوقت استحبابا ليدرك فضل السنة.
وأما إن أحرم بنية صلاة السفر، ثم أتم ساهيا؛ ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يعيد في الوقت؛ لأن سهوه صادف فعلا صحيحا بمنزلة من صلى خامسة ساهيا، ثم ذكر سجدة من أول ركعة من صلاته، والقول الثاني: أنه يعيد أبدا، وهو قول سحنون هاهنا قياسا على ما روي عن ابن القاسم أن من زاد في صلاته مثل نصفها ساهيا فعليه الإعادة أبدا. والقول الثالث: أنه يسجد سجدتين بعد السلام وتجزئه صلاته، وهو الذي يأتي على ما في رسم "إن أمكنتني" من سماع عيسى، في الذي يصلي المغرب خمس ركعات ساهيا، وعلى ما في سماع أبي زيد في الذي صلى ركعتي الفجر أربعا ساهيا، وعلى ما في المدونة في الذي سها فأضاف إلى الوتر ركعة أخرى، أنه يجزئه ويسجد لسهوه، وبالله التوفيق.