يتزوج المرأة بخمسين دينارًا، وخمسين تكون حالة بعد الابتناء، فجوزه، فأنا أرى أن الذي يقول خمسين بعد الابتناء بسنة، إنما هو من وجه ما جوز من البيع بالتقاضي، وهو إلى غير أجل معروف، وكان الابتناء عنده معروفا لا يتباعد كما قد عرف من قدره. وما يكون بين الملك والابتناء من الزمان، فأنا أرى إذا وقع أن يمضي النكاح، فتكون الخمسون التي جعلت بعد الابتناء بسنة تحل عليه إذا مضى من الزمان ما يرى أن أهل بلده يبتني أكثرهم إلى مثله، ثم يؤخر بعد ذلك القدر سنة، فتحل عليه الخمسون، ولا يفسخ نكاحهما، ولا ينبغي للمرء أن يحمل النكاح محمل البيع في جميع الأمر، ألا ترى أن النكاح يحل بالرأس غير الموصوف، وشوار غير موصوف، فإذا وقع النكاح جعل لها رأسا من أوسط الخدم، وشوار نحوها في قدرها، وما يعلم أنه يكون شوار مثلها. قال سحنون مثله، وكذلك لو تزوجها بخمسين دينارا نقدا، وخمسين دينارا بعد ابتنائه بسنة، وخمسين دينارا إلى خمس سنين، كان النكاح جائزا، دخل بها أو لم يدخل، وقال أبو زيد بن أبي الغمر في مسألة سحنون: أرى أن يفسخ النكاح، ما لم يدخل بها، وإن دخل بها نظر إلى ما أعطاها من المؤجل إلى خمس سنين، فيقال: ما صداق مثلها على هذا المؤجل الذي يسمى لها إلى خمس سنين، فما كان من شيء قل أو كثر يضاف ذلك إلى المؤجل، فتأخذه نقدا، وكانت الخمسون إلى أجلها، وقال أصبغ فيها مثل قول أبي زيد إلى خمس سنين.
قال محمد بن رشد: جعل ابن القاسم في هذه الرواية حد الابتناء معروفا بالعرف والعادة، فأجاز أن يكون ابتداء أجل الكالئ منه، وأن يكون مؤخرا إليه على ما حكي عن مالك، وهو قوله في المدونة في الذي تزوج