الرجل أمته التي أعتق إلى أجل بغير رضاها ما لم يتقارب أجل عتقها، وما دام يجوز له أخذ مالها. قال: وقال مالك: لا يجوز له أن ينكحها إذا أعمرها رجلا ثم جعلها حرة بعد الأجل إلا برضاها، ولا يجوز ذلك للمحرم أيضا. قيل له: فالموصى لها بالعتاقة بعد أجل تخدم إليه، أللورثة أن ينزعوا مالها وينكحوها بغير رضاها؟ قال: ليس لهم من ذلك شيء بغير رضاها، لا ينكحونها ولا يأخذون من مالها قليلا ولا كثيرا، قرب أجل عتقها أو بعد. وقال سحنون مثله. وإنما منع الورثة أن ينزعوا مالها؛ لأنه به قومت في الثلث، فصار ذلك كعضو منها.
قال محمد بن رشد: جرى ابن القاسم فيما حكي عن مالك من هذه المسائل، وذهب هو إليه من رأيه، وتابعه عليه سحنون، على أصل واحد، وهو أنه إنما يجوز للرجل أن يكره على النكاح بحق الملك من يجوز له أن ينتزع ماله، فقال: إن للسيد أن ينكح أمته التي أعتق إلى أجل بغير رضاها ما لم يتقارب أجل عتقها، وما دام يجوز له أخذ مالها. وقال: إنه ليس له أن ينكح الأمة التي أعمرها رجلا وجعلها حرة بعد الأجل إلا برضاها، من أجل أنه لا يجوز له أن ينتزع مالها على ما في سماع ابن القاسم من كتاب الخدمة. وأما المخدم، فلا إشكال أنه ليس له أن يكرهها على النكاح، إذ لا حق له في رقبتها ولا في أخذ شيء من مالها. وقال في الموصى لها بالعتق إلى أجل: إن الورثة لا يكرهونها على النكاح كما لا ينتزعون مالها. وقد قيل: إنه إنما له أن يكره على النكاح بحق الملك من له أن يطأ، فعلى هذا لا يكره الرجل معتقته إلى أجل على النكاح قرب أجل عتقها أو بعد، إذ ليس له أن يطأها. وهو أحد قولي مالك في رواية أشهب عنه، فللرجل أن يكره مدبرته على النكاح باتفاق، إذ له أن يطأها وأن يأخذ مالها، وهو القياس في أم الولد،