والذي يسقط عنه اليمين، إحضار البينة، وإبراز الجهاز، وإقامته وإرساله بمحضر البينة. وإن لم تبلغ البينة مع الجهاز بيت ابنته. قال ذلك ابن حبيب في الواضحة. ولو ادعى الأب أنه جهز ابنته إلى زوجها بما لها قبله من ميراث أمها أو غير ذلك، وأنكرت، لما كان القول قوله في ذلك، ولكلف إقامة البينة على إيراد الجهاز بيتها. لقول الله عز وجل:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}[النساء: ٦] .
ومن كتاب الكراء والأقضية قال: وسمعت أصبغ يُسأل عن الرجل تشترط عليه امرأته في كتاب صداقها ألا يسيء إليها، فإن فعل فأمرها بيدها، فإن تزوج عليها أو تسرر عليها. هل ترى هذا من الإساءة؟ فقال أصبغ: لا أراه من الإساءة، إلا أن يكون ذلك وجه ما يشترطون، ويأخذون عندهم بظاهر معروف عندهم، إن الإساءة في هذا الشرط النكاح وشبهه، وإلا فلا. قيل له: فإن ضربها ضربا مبرحا أو غير مبرح، أتراه من الإساءة؟ فقال: إن ضربها في أمر تستأهله على وجه الأدب بالأمر الخفيف، فلا أراه من الإساءة، ولو كان على غير ذلك ضربها مرارا، رأيتها إساءة، أو جاء من ذلك أمر مفرط وإن كان غير مرار.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال في النكاح والتسرر: لأن الله تعالى أذن في ذلك وأباحه بقوله عز وجل: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}[النساء: ٣] وقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}[المؤمنون: ٥]{إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}[المؤمنون: ٦] ومن فعل ما أباحه الله تعالى له فليس بمسيء، ولا حجة للمرأة عليه في ذلك بشرطها، إلا أن يعلم أنهما قصدا