تزوجها وهي تجحد ذلك، وتقيم أخت تلك المرأة على ذلك الرجل بعينيه البينة أنه تزوجها، وهو ينكر ذلك، ولم توقت البينة وقتا، وهم متكافئون في العدالة أو غير متكافئين. قال: أرى أن يفسخ النكاحان أيضا، وسواء كانوا متكافئين أو غير متكافئين في هذا.
قلت له: فإن شهدت بينة كل واحد منهما على الدخول، قال: ذلك سواء، يفسخ دخل أو لم يدخل، فإن دخل بهما أزواجهما فالصداق لهما. قال: وسألت ابن وهب، فقال لي مثله.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قالا إن فسخ النكاحين جميعا واجب إذا كانت البينتان عدلتين، وإن كانت إحداهما أعدل من الأخرى؛ لأن النكاح الثاني فاسد على كل حال، إذ لا يجوز نكاح الأخت على الأخت لنهي الله عز وجل عن الجمع بينهما. فلما لم يعلم أيهما هو، وجب أن يفسخا جميعا. والفسخ منه بطلاق، ولا عدة على واحدة منهما ولا صداق لها إن كان لم يدخل بها. وإن ماتت التي أقام البينة أنه تزوجها قبل أن يفسخ النكاح بينه وبينها، كان له نصف ميراثها؛ لأن المنازعة في ميراثها بينه وبين الورثة. يقول هو: هي زوجتي، فلها ميراثها. ويقول الورثة: بل الأخرى هي زوجتك؛ لأنك تزوجتها أولا ونكاح هذه فاسد، فلا ميراث لك منها، فيقسم بينهما بنصفين للتداعي. وإن قالت الورثة: لا ندري لعل الأخرى هي التي تزوجت أولا، فلا ميراث لك من هذه، حلف وأخذ جميع ميراثها، وقيل: إنه لا ميراث له منها إلا بيقين، وإن مات هو قبل الفسخ كان الميراث والصداق للتي ادعت أنه تزوجها وأقامت البينة على ذلك؛ لأنه قد علم أن الميراث لأحدهما، والأخرى تنكره، فلا شيء لها من الميراث ولا من الصداق إذا لم يدخل بها.