المسيس، بكرا كانت أو ثيبا، كبيرة أو صغيرة، رشيدة أو سفيهة، ذات أب أو يتيمة، صحيح لا اختلاف فيه في مذهب مالك؛ لأن إرخاء الستر عند مالك وجميع أصحابه لا يوجب الصداق، وإنما هو شبهة يوجب أن يكون القول قول الزوجة في المسيس، كشاهد، واليد، ومعرفة العفاص والوكاء، مع يمينها إن أنكر الزوج المسيس. قاله في كتاب ابن المواز، وكتاب ابن الجهم، ورواه عيسى عن ابن القاسم في الذي يغيب على المرأة غصبا، فإن كانت صغيرة حلف الزوج وأدَّى نصف الصداق، إلى أن تبلغ فتحلف وتأخذ نصف الصداق الثاني، فإن نكلت عن اليمين لم يكن للزوج أن يحلف ثانية، وإن نكل أولا عن اليمين غرم جميع الصداق، ولم يكن له أن يحلفها إذا بلغت، حكم الصغير يقوم له بحقه شاهد، وقد قيل إنه لا يمين عليها إن كانت صغيرة، وهو بعيد؛ لأن الصغر لا يسقط اليمين الواجبة مع الكبر، فلا فرق بين الصغيرة والكبيرة، إلا فيما ذكرناه من تأخير الصغيرة باليمين. وقد روي عن أحمد بن المعدل أنه لا يمين عليها وإن كانت كبيرة، وهو بعيد، ما له وجه، إلا مراعاة قول من يرى الصداق واجبا لها بالخلوة وإن لم يكن مسيس، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه على ظاهر قول عمر بن الخطاب: إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق، فإذا أقرت أنه لم يمسها لم يكن لها إلا نصف الصداق، إلا أن يُقر الزوج أنه قد مس وهي أمة أو مولى عليها بأب أو وصي، فيكون لسيد الأمة أو ولي المرأة أن يأخذ الصداق منه بإقراره، ولا يكون لها أن تسقط حقا قد أقر لها به الزوج، قاله سحنون ومطرف. وخالفه في ذلك ابن الماجشون وغيره، ولا اختلاف في أن خلوة البناء توجب أن يكون القول قول المرأة في دعوى المسيس. واختلف إذا خلا بها ولم تكن خلوة بناء، على أربعة أقوال: أحدها: أن القول قولها حيث ما أخذهما الغلق، كان في بيته أو في بيتها، وهو أحد قولي مالك وبه أخذ مطرف وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ، على ظاهر قول عمر بن الخطاب: إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق.