قال: تخرج في جماعة من النساء، وناس مأمونين لا تخافهم على نفسها.
قال محمد بن رشد: قوله: إلى مكة يريد في حجة الفريضة، وذكر المتجالة إنما وقع في السؤال، فخرج الجواب عليه، فلا يستدل بذلك على أن غير المتجالة بخلاف المتجالة، بل المتجالة وغير المتجالة. في ذلك سواء عند مالك. هذا قوله في الموطأ وغيره؛ لأن عدم المرأة التي لا زوج لها، أو لها زوج لا يريد الخروج معها وليا يخرج معها لا يسقط فرض الحج عنها، بدليل إجماعهم على أنها إذا أسلمت في بلاد الحرب، يجب عليها الهجرة إلى بلد الإسلام، وإن لم يكن معها ذو محرم، فهذا مخصص من عموم قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم منها» ، بالإجماع، وحجها مع غير ذي محرم إذا لم يكن لها محرم، ولا زوج يحج معها، مخصص منه بالقياس، على ما أجمعوا عليه.
وقد اختلف ألفاظ الأحاديث في حد السفر الذي لا يجوز للمرأة أن تسافره إلا مع ذي محرم منها أو زوج، ففي بعضها البريد، وفي بعضها اليوم، وفي بعضها الليلتين، وفي بعضها ثلاثة أيام، وفي بعضها ألا تسافر المرأة ومعها ذو محرم دون حد. واختلف على ذلك كله الفقهاء، فمنهم من لم يحد للمرأة أن تسافر مع ذي محرم سفرا قريبا ولا بعيدا، وإن كان أقل من بريد، وهو مذهب أهل الظاهر، ومنهم من حد لها في ذلك البريد، ومنهم من حد لها في ذلك اليوم، ومنهم من حد لها في ذلك الليلتين، ومنهم من حد لها في ذلك