لذلك أجلا، لجاز له أن يقدم الكفارة، ويبر بذلك؛ لأنه على حنث، كما يجوز له أن يقدم الطلاق إذا حلف بالطلاق أن يفعل فعلا، ولم يضرب له أجلا، ويبر بذلك في يمينه؛ لأنه على حنث حتى يفعل، على ما في النذور من المدونة. وقال في كتاب محمد بن المواز: من حلف بالطلاق أن يقتل فلانا، ولم يضرب أجلا، لم يبر بالطلاق، فإن مات فلان قبل أن يقتله وقع عليه الطلاق، ولم يجتزئ بالطلقة التي أوقع؛ لأن موت فلان كان قضاء الأجل. وقوله: إن الأيمان التي تجزي فيها الكفارة قبل الحنث اليمين بالله صحيح، على المشهور في المذهب، والأصل في جواز ذلك قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من حلف على شيء فرأى غيرها خيرا منها؛ فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير، أو ليفعل الذي هو خير وليكفر عن يمينه» ؛ لأن الحديث محمول عندهم على التخيير من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين الوجهين، لا على أنه شك من المحدث، وسواء كان في اليمين على بر أو على حنث، وروى أبو زيد، عن ابن الماجشون: أن الكفارة في اليمين بالله لا تجزي إلا بعد الحنث، فإن حلف ليفعلن فعلا فلا يتبين حنثه إلا بالموت، ولا تجزيه الكفارة إن كفر في حياته، فساوى أيضا بين أن يكون يمينه على حنث أو على بر في أن الكفارة لا تصح إلا بعد الحنث، والقياس أن يفرق بين الوجهين، فتجزيه الكفارة قبل الحنث فيما كان فيه على حنث، ولا تجزيه فيما كان فيه على بر إلا بعد الحنث.
وفي قوله في آخر المسألة: إن المشي والطلاق والظهار إذا حلف به، فلا تجزيه إلا بعد أن يحلف، كذا وقع، والصواب بعد أن يحنث، نظرا لقوله في جميع ذلك: فلا تجزيه إلا بعد أن يحنث، والصواب في ذلك أن المشي والطلاق لا يجب عليه إلا بعد أن يحنث، وأن الكفارة في الظهار لا تجزيه إلا بعد أن يحنث؛ لأنه لا تجب عليه بالحنث، وإنما تجب عليه بالوطء.
وقد وقع في آخر الظهار من المدونة عن مالك، فيمن لا يعتق رقبة بغير