فقال: أين هو من آية الوضوء؟ يريد أن رد الأيدي المطلقة في التيمم إلى الأيدي المقيدة في الوضوء بالمرفقين؛ إذ هو بدل منه أولى من ردها إلى الأيدي المطلقة في السرقة؛ لأن المعنى في ذلك مختلف، وذلك بين. ولا دليل في قول مالك: وأين هو من آية الوضوء؟ على أن الحكم عنده أن ترد آية التيمم إليها، إذ لو كان الحكم عنده أن ترد إليها لأوجب على من تيمم إلى الكوعين الإعادة أبدا، وإنما أراد أن حمل آية التيمم على آية الوضوء أولى من حملها على آية السرقة [وإن كان هو لا يرى حملها على واحدة منهما؛ إذ لو حملها على آية السرقة] لأمر المتيمم بالتيمم إلى الكوعين ابتداء، ولو حملها على آية الوضوء لأوجب الإعادة أبدا على من تيمم إلى الكوعين، فالآية عنده على إطلاقها غير مقيدة بآية الوضوء ولا بآية السرقة. فمن تيمم عنده إلى الكوعين أجزأه وإن كان لا يأمره بذلك ابتداء، ويرى عليه الإعادة في الوقت إن فعل مراعاة لقول من يرى آية التيمم محمولة على آية الوضوء، فيوجب التيمم إلى المرفقين على أصله في مراعاة الخلاف، ولم يراع قول من أوجب التيمم إلى المنكبين لشذوذه وبعده من النظر؛ لأن الآية إذا حملت على إطلاقها وجب أن يجزئ التيمم إلى الكوعين لوقوع اسم اليد على الكف إلى الكوع وألا يجب إلى المنكبين، وإن تناول ذلك اسم اليد عند العرب؛ لأن الأصل براءة الذمة من العبادات، فلا يجب منها شيء على أحد إلا بيقين. وقوله فيمن يتيمم إلى الكوعين إنه يعيد في الوقت، مثله في المدونة وفي سماع محمد بن خالد من هذا الكتاب. وقال أصبغ في مختصر ابن أبي زيد: والوقت في ذلك وقت الصلاة المفروضة، وقال ابن نافع ومحمد بن عبد الحكم يعيد أبدا، وقولهما على قياس القول بأن آية التيمم محمولة على آية الوضوء. ولابن لبابة في هذه المسألة اختيار