الرجال» ، فلم يكره مالك للمرأة الشابة إذا لم يكن لها زوج أن تدع الخضاب ولبس القلادة والقرطين، وقال: لا بأس بذلك، ومعناه إذا لم تفعل ذلك قصدا منها للتشبه بالرجال. وأما إن كان لها زوج فالخضاب ولبس القلادة والقرطين مما يستحب لها بدليل الحديث، فهو مستحب في حال، ومباح في حال، ومحظور في حال.
والخضاب المأمور به هو أن تخضب المرأة يديها إلى موضع السوار من ذراعيها. وروي: أن عمر بن الخطاب خطب فقال: يا معشر النساء، إذا اختضبتن فإياكن والنقش والتطريف، ولتخضب إحداكن يديها إلى هذا، وأشار إلى موضع السوار. وأما صلاتها بغير قلادة ولا قرطين، فأجاز ذلك مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولم ير فيه كراهة، وقال: لا بأس بذلك، وإنما يفتيهن بذلك العجائز، وقوله بَيِّن لا إشكال فيه؛ لأن هذه الأشياء من المعاني التي أبيح للمرأة أن تتزين بها، قال تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}[الأعراف: ٣٢] فليست مما يجب عليها في صلاة ولا غير صلاة، وأرى من كان أصل الفتوى بوجوب ذلك عليهن في الصلاة، تأول قول الله عز وجل:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف: ٣١] ، وليس ذلك بصحيح؛ لأن الآية إنما نزلت في الذين كانوا يطوفون بالبيت عراة، فلا يحتج منها على الوجوب إلا في ستر العورة خاصة، وأما حسن الهيئة في اللباس، وما كان في معناه، فإنما يستدل من الآية على استحبابه.
وإنما نزع بها مالك في كراهية الصلاة في مساجد القبائل بغير أردية، وقد كره جماعة السلف للمرأة أن تصلي بغير قلادة، روي ذلك عن ابن سيرين قال: قلت: لم؟ قال: لأنه تشبه بالرجال. وروى أن أم الفضل ابنة غيلان كتبت إلى أنس بن مالك: أتصلي المرأة وليس في عنقها قلادة؟ فكتب إليها: لا تصلي