قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة على أصولهم، بينة المعاني، فلا موضع للقول فيها إلا في قوله: إذا قالت كنت طلقت نفسي بقولي: قد قبلت اثنتين أو ثلاثا إن القول قولها إلا أن يناكرها، فيحلف على ما نوى، يريد إلا أن يناكرها ساعة قالت: أردت اثنتين أو ثلاثا، فإن سكت على قولها لم يكن له أن يناكرها بعد ذلك.
وأما اليمين فليس عليه أن يحلف حتى يريد أن يراجعها. قاله في المدنية وكذلك كل من ناكر امرأته في طلاق بائن، كالمملكة أو المخيرة قبل الدخول، أو الذي تعطيه زوجته مالا على أن يخيرها، فتختار نفسها على القول بأن له أن يناكرها من أجل أنها تبين بالواحدة بسبب المال، وكذلك الذي يناكرها في الطلاق الرجعي، إنما له أن يناكرها ساعة قضت بأكثر من الواحدة، وله أن يؤخر يمينه إلى أن يريد رجعتها، فإن لم يحلف حتى انقضت عدتها لم يكن عليه أن يحلف، إلا أن يريد مراجعتها.
وأما قوله في التي قالت بعد أن صالحت: إنها كانت أرادت بقولها: "قبلت" ثلاثا لترجع فيما صالحت به، وقالت: إنها جهلت أنها لا تعذر في ذلك بجهل، فيشبه أن تكون هذه المسألة إحدى المسائل السبع، التي روي عن أبي عمر الإشبيلي أن الجاهل لا يعذر فيها بجهله، والثالث الذي يسمع امرأته تقضي بالثلاث فيسكت، ثم يريد أن يناكرها من بعد ذلك ويدعي الجهل، والثالثة المرأة تختار في التخيير واحدة ثم تريد أن تختار بعد ذلك ثلاثا، وتقول: جهلت وظننت أن لي أن أختار، والرابعة المملَّكة أو المخيَّرة يملكها زوجها أو يخيرها فلا تقضي حتى ينقضي المجلس على قول مالك الأول، ثم تريد أن تقضي بعد ذلك وتقول: جهلت وظننت أن ذلك بيدي متى شئت.
والخامسة التي يقول لها زوجها: إن غبت عنك أكثر من ستة أشهر، فأمرك بيدك، فيغيب عنها وتقيم بعد الستة المدة الطويلة من غير أن تشهد أنها على حقها، ثم تريد أن تقضي وتقول: جهلت وظننت أن الأمر بيدي متى ما شئت والسادسة الأمة