قال أصبغ: ولا أيمان عليهما لأن نكولهما وحلفهما سواء لا يرد ما قالا.
قال محمد بن رشد في كتاب إرخاء الستور من المدونة في هذه المسألة: إنها نزلت، فاختلف فيها أهل المدينة، وسئل عنها مالك فقال: القول قول الزوجة، مثل قول ابن القاسم هاهنا، وروايته عنه، ولا شك أن اختلافهم فيها، كان إن منهم من قال: إن القول قول الزوج، وهو قول أشهب من أصحاب مالك، وإليه ذهب الشافعي، وهذا الاختلاف مبني على أصل قد اختلف فيه قول ابن القاسم، وهو تصديق المأمور فيما أمره به الآمر من إخلاء ذمته أو تغير ذمة الآمر، فذهب أشهب إلى أن المأمور لا يصدق في ذلك، فجوابه في هذه المسألة إن القول قول الزوج على أصله، وجواب ابن القاسم إن القول قول الزوجة على أحد قوليه في هذا الأصل.
وذلك أنه قال في السلم الثاني من المدونة فيمن له على رجل طعام من سلم فقال: كله لي واجعله في غرائرك، أو في ناحية بيتك، فقال: قد فعلت وضاع، إنه لا يصدق على أنه قد كاله حتى يقيم البينة على ذلك.
وقال فيمن كان له على رجل دين فقال له: ابتع لي حيوانا أو سلعة، فقال: قد فعلت وتلف ذلك، إنه يصدق في ذلك، وذلك مثل قوله في مسألة اللؤلؤ من كتاب الوكالات من المدونة. ومثل قوله في مسألة الرسول من كتاب الرواحل والدواب، ومثل قوله في مسألة البنيان في آخر كتاب الدور، وخلاف قول أشهب فيها.
وإنما يكون القول قول الزوجة والعبد، على قول ابن القاسم وروايته عن مالك، مع أيمانهما فإن نكلا عن اليمين، حلف الزوج وبقي مع امرأته، وحلف سيد العبد، وكان له رقيقا، خلاف قول أصبغ إنه لا أيمان عليهما.
وقوله: لأن نكولهما وحلفهما سواء. معناه؛ لأن نكولهما بمنزلة أيمانهما، إذ لا ترجع اليمين عنده بنكولهما على الزوج ولا على سيد العبد، ووجه قوله: إن الزوج والسيد، لما ملكا الطلاق للزوجة، والعتق للعبد، صار كل واحد منهما في ذلك بمنزلة من ملكه، فوجب ألا يحلف كما لا يحلف من قال: إنه قد أعتق عبده أو طلق امرأته، وبالله التوفيق.