إذا قدر على ذلك، كانت من أهل بيت الغنى والشرف، أو لم تكن، إذا قوي على طعامها وكسوتها، بحال ما وصفت لك، فهو أملك بها، ولا يفرق بينهما، وإن فرق بينهما إذا لم يجد النفقة، ثم وجد النفقة شهرا كما سألت وهي في العدة، فهو أملك بها، وإن لم يجد إلا نفقة الأيام اليسيرة، الخمسة، والعشرة، والخمسة عشر، وما أشبه ذلك، لم أر ذلك له؛ لأن هذا مما لا قدر له ولا منفعة فيه، ولأن ذلك يصير إلى ضرار، إذا انقضت تلك الأيام، فرق بينهما، ثم إن وجد مثلها رجع أيضا إليها، فهذا الضرر وشبه اللعب.
قال محمد بن رشد: أوجب في هذه الرواية على الرجل في فرض امرأته من الدهن ما تدهن به، ومن الحنا ما تمشط، وذلك لعرف معروف عندهم، وعادة جرى عليها نساؤهم، ولا يفرض ذلك عندنا؛ إذ لا يعرفه نساؤنا، ولأهل كل بلد من هذا عرفهم وما جرت به عادتهم. وأما الصبغ والطيب، والزعفران والحنا لخضاب اليدين والرجلين، فلا يفرض على الزوج لشيء من ذلك، قاله ابن وهب في رسم الأقضية من سماع يحيى، وهو معنى قول ابن القاسم هاهنا. واضطرب قوله في المشط، فله في أول الكلام، أنه لا يفرض ذلك عليه، وقال بعد ذلك: إنه يفرض عليه من النفقة ما يكون فيه حنا رأسها ومشطها، وأما الكسوة فلم يوجب على الزوج منها إذا عجز عما يشبهها إلا وسطها، وما لا يعرها، وإن كانت من بيت أهل الغنى والشرف، مثل وسط غليظ الكتان والقطن وما أشبه مثله، في رسم الكبش من سماع يحيى لابن القاسم، وفي رسم الأقضية منه لابن وهب، وهو نحو قول ربيعة في المدونة. أما العبا والشمال فعسى ألا يؤمر بكسوتها، وأما غليظ الثياب مثل الخيف والأترى فذلك جائز للمعسر، لا يلتمس منه غيره، خلاف ما حكى ابن المواز عن أشهب، من أنه إذا عجز عما يشبهها فرق بينهما وأما إذا كان عنده سعة، فليس له أن يقصر بها عما يبتذله مثلها إن كانت من أهل بيت الغنى والشرف، لا مما يكسو مثله في سعة حاله أهله، وإن لم تكن