فرق الإمام بينه وبين امرأته ما هي؟ قال: القوت، وما يجزي من الثياب.
قلت: أرأيت إن كانت ذات شرف معروف ممن يعرف أن مثلها لا يخدم نفسها، ولا يلبس من الثياب إلا الحسنة، ولا يجزيها من العيش غليظه، وقد كان الرجل موسرا موسعا عليه، كان ينفق عليها نفقة مثله على مثلها، ثم أعدم، فصار لا يجد لها خادما ولا كسوة إلا من أدناها وأقلها ثمنا ولا قوتا إلا شعيرا أو قمحا ليس فيه إلا قوتها، دون قوت خادمها، وأحبت هي أن تضع عنه ثمن الخادم وسألته نفقتها ونفقة الخادم، فلم يجد إلا قوت السيدة من غليظ العيش، مثل الشعير، أو السلت، أو القمح غير المادوم، ويجعل ما يودم به زيتا. أترى أن يفرق بينهما وهو يجد هذا، وقد كانت حالهما في اليسارة وفي الشرف ما وصفت لك؟ قال: إن كان هذا وما أشبهه، فلا أرى أن يفرق بينهما وأجزى ما يجزي في مثل هذا من الكسوة الفسطاطي ونحوه. وأما القوت من الطعام فما يرى أنه الشبع في بلدهما الذي هما به، ويجزيه أن يخرج ذلك مما يقتات به أهل بلده، فإن من البلدان، من لا ينفق أهله شعيرا على حال فقيرهم ولا غنيهم، ومنهم من ذلك عندهم يستخف ويستجاز، فإن كان ببلد لا يعرف أهله إنفاق الشعير على أهليهم، لم يكن له أن يخصها بما لا يتحمله أهل بلدها، وإن كان ببلد يتجاوز به الشعير من اضطر إليه، لم يكن لها أن تأباه، إذا ألجئ إليه صاحبها وليس لها إلا ذلك.
قال محمد بن رشد: قوله: فإن كان ببلد لا يعرف أهله إنفاق الشعير على أهليهم، لم يكن له أن يخصها بما لا يتحمله أهل بلدها، خلاف ظاهر ما