وامرأته وله مال حاضر، فيرفعاه إلى السلطان، قال: يباع ماله وينفق عليهما. قلت: فإن لم يكن له مال حاضر، أيؤمران أن يتداينا عليه، ويقضى لهما بذلك؟ فقال: أما الزوجة فنعم، وأما الأبوان فلا؛ لأنهما لو لم يرفعوا ذلك حتى يقدم فأقر لهم جميعا بذلك، غرم للمرأة، ولم يكن عليه أن يغرم ذلك للأبوين، وإن أقر لهما؛ لأن المرأة نفقتها عليه موسرة كانت أو معسرة، والمرأة تحاص الغرماء إذا رفعت ذلك، وكان يوم أنفقت موسرا، والأبوان ليسا كذلك، قال أصبغ: فنفقة الأبوين لا تجب إلا بفريضة من السلطان حين يجدهما يستحقانها، ويجد له مالا بعد يعديهما فيه وإلا فلا.
قال محمد بن رشد: قوله: إن مال الغائب يباع في نفقة أبويه هو مثل ما في كتاب إرخاء الستور من المدونة وكان الشيوخ يفتون أن أصول الغائب لا تباع في نفقة أبويه، بخلاف نفقة زوجته، ويتأولون أن المراد بمال الغائب الذي يباع في نفقة أبويه عروضه لا أصوله، والفرق عندهم في ذلك بين نفقة الزوجة ونفقة الأبوين أن نفقة الزوجة واجبة حتى يعلم سقوطها، ونفقة الأبوين، ساقطة حتى يعلم وجوبها بمعرفة حياته، وأنه لا دين عليه يغترق ماله، وقد كان القياس على هذا ألا يباع عليه أيضا عروضه في مغيبه، لاحتمال أن يكون حين الحكم عليه بذلك ميتا وأن يكون عليه دين يغترق عروضه، إلا أن ذلك في العروض استحسان. وبهذا المعنى فرقوا أيضا بين نفقة الزوجة والأبوين، في أن الأبوين لا يفرض لهما النفقة عليه في مغيبه وإن كان موسرا، إذا لم يكن له مال حاضر، ولا يومران أن يتداينا عليه، وإن فعلا لم يلزمه من ذلك شيء، بخلاف الزوجة في ذلك كله، ويلزم على الفرق الذي ذكرناه، لو كانت النفقة فرضت لهما عليه قبل مغيبه، فغاب وترك أصوله أن تباع عليه في نفقتها. وقوله: إن المرأة تحاص الغرماء بما أنفقت من يوم رفعت إذا كان يوم أنفقت موسرا، يدل على أنها لا تحاص إلا في الدين المستحدث، مثل قول