قال مالك: أرى إن لم تكن عرفته أن الطلاق قد لزمك وقد بانت منك، وقال: لم أره يذكر شيئا أراده.
قلت له: فإن ذكر نية أكنت تنويه؟ قال: لم أره يذكره، وكأن وجه قوله أن يكون ذلك له، ومعنى ذلك في رأيي أن يقول لم أرده، وإن لم تكن له نية إنما حلفت على أني أظن أنهم غيبوه. قال ابن القاسم: ومثل ذلك كمثل الرجل يقول لجارية: أنت حرة إن لم أبعك، فإذا هي حامل منه ولم يعلم، فهل إن كانت له نية حين حلف وأراد، إلا أن تكون حاملا وإلا فقد عتقت عليه؛ لأنه لم يصل إلى بيعها، وكذلك قال إلى مالك، قال ابن القاسم: وكذلك السوط فيما رأيت من وجه قول مالك، إلا أن تكون له نية أن يقول: إنما حلفت وأنا أظن أنهم غيبوه، فإذا كانت نيته فلا شيء عليه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة خالف ابن القاسم فيها مالكا وذهب إلى أن تفسير قوله على مذهبه، فقال: ومعنى ذلك في رأيي أن يقول إلى آخر قوله: فالتبست المسألة بذلك وأشكلت، وقول مالك فيها: إنه حانث، إلا أن تكون له نية وإن كان حلف وهو يظن أنهم غيبوا عنه السوط، وذلك بين من قوله: لأنه قال أرى إن لم تكن عرفته، فإن الطلاق قد لزمك وبانت منك، وهو إنما حلف وهو يظن أنهم غيبوا عنه السوط كراهية لضرب الغلام، وقوله: لم أره يذكر نية يدل على أنه لو ذكر نية لنواه، والنية التي ينتفع عنده بها، وعلى مذهبه أن ينوي في حلفه عليهم أن يأتوه به إن كانوا خبوه وهم عالمون بموضعه على ما ظنه بهم على قياس قوله كالذي يحلف بحرية أمته فإذا هي حامل منه أنه حانث إلا أن يكون نوى إن لم تكن