قال: أرى أنها طلقت عليه البتة، قيل له: إنه يقول إنما حلفت ما أخذها غيرك، وإنها لم تأخذها هي ولا غيرها، ففكر فيها ثم تعجب فيمن يقول لم يحنث، ثم قال مالك: إنما ذلك بمنزلة ما لو قال لم يسرقها أحد غيرك لم يحركها أحد غيرك، فأراه حانثا.
وفي سماع عيسى من كتاب بع ولا نقصان عليك، قال ابن القاسم: في رجل افتقد بضاعة في بيته فاتهم امرأته، فقال لها: أين البضاعة؟ فقالت له: ما أدري، فقال لها: أنت طالق إن لم تأتني بها بعينها، ثم وجدها في مكان جعلها فيه، قال: هي طالق، ثم أتي بهذه المسألة التي فوقها، وقال: هي طالق، قال: ولقد كان بيني وبين ابن بر فيها كلام، فسألنا مالكا عنها، فقال: قد حنث في قوله في هذه المسألة، وعجب ممن يقول لم يحنث.
قال محمد بن رشد: قول مالك في الذي رفع الدراهم في بيته ثم حلف لما طلبها فلم يجدها بالطلاق، أن امرأته أخذتها، ثم وجدها حيث جعلها إن الطلاق يلزمه، إلا أن تكون له نية أنه إن كانت أخذت هو على قياس قوله في المسألة التي قبلها؛ لأنه إنما حلف وهو يظن أنها قد أخذت فانكشف الأمر بخلاف ما ظن، وفي الثمانية من رواية ابن الماجشون عنه أنه لا حنث عليه، وأنها نزلت فسئل عنها عامة أهل المدينة فلم يختلفوا في أنه لا شيء عليه، وهو على قياس قول ابن القاسم في المسألة التي قبلها؛ لأن معنى يمينه إنما هي أخذتها إن كانت أخذت، وأما مسألة البضاعة لابن القاسم فهي كمسألة السوط المتقدمة بعينها، فقوله فيها خلاف قوله في مسألة السوط، مثل قول ابن دينار في مسألة البضاعة هذه، وقول مالك في مسألة البضاعة هذه على قياس قوله في مسألة السوط، وقد مضى من القول في مسألة السوط ما فيه بيان وشفاء، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.