يكون للرسول أن يتبع الأخ بشيء؛ لأنه أفاته ثم يدعى الغلط فلا يقبل منه، قال عيسى: إذا تجافى الحالف عن إغرام الرسول وتجافى الرسول عن إغرام الأخ لم يحنث أيضا، وإن تجافيا جميعا عن إغرام الأخ حنث، وهو قول أصبغ وغيره من أهل العلم.
قال محمد بن رشد: لم يثبت قول سحنون في جميع الروايات، ووجه أنه حمله على التعدي ولم يصدقه فيما ادعاه من الغلط، وإذا حمل على التعدي كان حكمه حكم الوكيل يهب مال موكله أو يحابي فيه فيفوت ذلك.
وفي ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها: أن رب المال يرجع على الوكيل إن كان له مال، فإن لم يكن له مال رجع على الموهوب إن كان له مال، فإن لم يكن لواحد منهما مال رجع على أيهما أيسر أولا، وليس لمن رجع عليه منهما أن يتبع صاحبه بشيء، وإن أيسرا جميعا لم يكن له أن يتبع إلا الوكيل، بمنزلة إذا كانا جميعا موسرين ابتداء، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة، وعليه يأتي قول سحنون هذا.
والثاني: أنه يرجع على الموهوب له إن كان له مال، فإن لم يكن له مال رجع على الوكيل إن كان له مال، فإن لم يكن لواحد منهما مال رجع على أيهما أيسر أولا، فإن رجع على الوكيل كان للوكيل أن يتبع الموهوب له، وإن رجع على الموهوب له لم يكن للموهوب له أن يتبع الوكيل، وهو معنى غير قول ابن القاسم، وهو أشهب في المدونة، وإذا كان للوكيل إذا رجع إليه أن يرجع على الموهوب له فالقياس على هذا إذا كانا موسرين أن يكون صاحب المال مخيرا في أن يتبع من شاء منهما؛ لأن الموهوب غريم غريمه، فله أن يتبعه ويدع غريمه، وقد روى ذلك عن أشهب.
والقول الثالث: أنه ليس لرب المال أن يتبع إلا الوكيل، فإن وجده معدما وكان الموهوب له موسرا فرجع عليه رجع الموهوب له على الوكيل، وهذا القول هو معنى ما حكاه أشهب