تطليقة واحدة، قيل له: أفترى عليه فيما يزعم أنه نوى اليمين، فقال: نعم، أرى عليه اليمين لو نوى ذلك.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أن الحالف طولب بهذه اليمين وهو مقر بها، فلهذا أوجب عليه اليمين فيما ادعى أنه نواه، ولو أتى مستفتيا غير مخاصم لصدق فيما ادعى أنه نوى دون يمين، وهو معنى ما في المدونة، وذلك أن طلاق الرجل امرأته وحلفه بالطلاق في مجالس شتى وأيام مفترقة لا يخلو من أربعة أحوال: أحدها: أن يأتي مستفتيا في ذلك غير مخاصم فيه ولا مطلوب به، والثاني: أن يطلب بذلك وهو مقر به على نفسه، والثالث: أن تقوم عليه البينة بذلك فيقر ولا ينكر، والرابع: أن ينكر فتقوم عليه البينة.
فأما إذا أتى مستفتيا في ذلك غير مخاصم فيه فذكر أنه قال امرأتي طلاق أو طالق إن فعلت كذا وكذا في يوم كذا وكذا، وأنه كرر ذلك ثانية وثالثة في أيام مفترقة فهذا يلزمه ثلاث تطليقات إلا أن تكون له نية أنه أراد بذلك تطليقة واحدة فرددها عليها إعلاما لها وتوبيخا وتقريرا وما أشبه ذلك، فتكون له نيته دون يمين.
وأما إذا طولب بذلك وخوصم وهو مقر به على نفسه وادعى أنه أراد بذلك تطليقة واحدة فينوى في ذلك مع يمينه على ما تأولناه في هذه المسألة.
وأما إذا قامت عليه البينة بذلك فأقر ولم ينكر وادعى أنه أراد واحدة فقيل: إنه لا ينوى لأن البينة قد حضرته، وهو قول ابن القاسم في رسم حمل صبيا من سماع عيسى من كتاب الشهادات، وظاهر قول ربيعة في الأيمان بالطلاق من المدونة أن الشهادة في الطلاق لا تلفق إذا اختلفت المجالس، وقيل: إنه ينوى وتكون واحدة لاحتمال أن يكون أراد طلقة واحدة