ولو لم يشربا عنده المذق لم يجب عليه شيء إذ قد استثنى التمر إذا كان قد حرك به لسانه، وإن لم يعلم المحلوف عليه، وهذا على القول بأن اليمين على نية الحالف وأن الاستثناء لا ينفع إلا بتحريك اللسان، وقد مضى القول على الوجهين في رسم البز من سماع ابن القاسم، ولما رأى الطلاق واقعا عليه وأخبره أن له منذ حلف بالطلاق ستة أشهر، قال له: قد حلت فاخطبها مع الخطاب، معناه: على الغالب في أن العدة تنقضي في مثل هذه المدة. وقوله: إنه يزوجها منه أبوه، ظاهره: وإن رضي به الولي لا يردها عليه، وإن لم يكن لها بولي، إذ قد زوجها منه أولا وليها، وهذا خلاف قوله في النكاح الأول من المدونة: إن النكاح الأول والآخر في ذلك سواء.
والأصل في هذا الاختلاف اختلافهم في المرأة يزوجها أجنبي، فعلى القول بأن النكاح يفسخ، وإن رضي به الولي، لا يردها عليه الأجنبي. وعلى القول بأن النكاح يجوز ولا يفسخ إذا رضي به الولي يردها عليه، وعلى القول بأن النكاح يفسخ وإن رضي به الولي لا يردها عليه الأجنبي، إذ قد علم رضا الولي به أولاً. وقد روى أبو قرة، قال: سألت مالكا عن المرأة تختلع من زوجها ثم يراجعها في عدتها بغير إذن وليها، قال:[فقال: إن أحب] أحب إلي ألا يراجعها إلا بإذن وليها، فإن راجعها بغير ولي لم أفرق بينهما، وهي رواية شاذة، إذ لا اختلاف في المذهب في أن المرأة إذا زوجت نفسها يفسخ النكاح على كل حال، ولا يلتفت فيه إلى رضا الولي.
ووجهها على شذوذها: مراعاة العلة في إيجاب المولى في النكاح، وهي أنه لما كان النساء في نقصان فطرتهن لا يؤمن عليهن أن تميل نفوسهن إلى غير أكفائهن، فيلحق من ذلك الأولياء غضاضة، جعل من الحق لهم ألا يكون لهن أن يزوجن أنفسهن، فكان إرجاعهن أنفسهن إذا وقع على أزواجهن جائزا، إذ لا غضاضة على أوليائهن في ذلك، إذ قد زوجوهم أولا،