الزوج، فجعل على الباب الذي بينه وبينها سترا، فسقط فدخل يصلحه وهي في الدار فقيل له في ذلك، فقال: إني لم أرد هذا، ثم لما أرادوا غسله دخل في بيت من الدار معها قريب منها، وقال: لم أرد هذا إنما أردت زيارة في صحة أو عيادة في مرض، فلما دفن ختنه، قال لامرأته، وابنته من وراء ذلك الباب الذي فتح قبل أن يستره: قولي لها: أعظم الله أجرك وأحسن عقباك، فقالت لها.
فقال مالك: أما تعزيته إياها فإن كان قال ذلك لامرأته وابنته تسمع، فأراه قد حنث ووجب عليه الطلاق، وهو يكلمها، وإنما هو وهي كهيئتي [وهيئتك] الآن وهذا الآخر، قلت لك أعظم الله أجرك وهو يسمع فما الكلام إلا هذا، قد كلمها، ولو أرسل إليها رسولا ولم تسمعه لم أر عليه الطلاق، وإذا قال لها ذلك وهي تسمعه فقد كلمها، وأما دخوله عليها فلا أرى عليه حنثا لأنه إنما حلف وهو ينوي زيارتها وعيادتها، فهو إنما دخل يصلح شيئا يسد سترا أو يضع شيئا، لم يدخل زائرا ولا عائدا، فلا أرى عليه حنثا في ذلك.
قال محمد بن رشد: قوله في هذه الرواية: فإن كان قال ذلك لامرأته وهي تسمع، فأراه قد حنث ووجب عليه الطلاق، معناه: إن كان قال ذلك لها وهو يريد أن يسمع ابنته المحلوف عليها، وهو صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن تكليم الرجل الرجل هو أن يعبر له عما في نفسه بلسانه عبرة يفهمها السامع، فإذا خاطب غيره وهو يريد كلامه فقد حصل مكلما له وإن لم يقبل عليه بكلامه، فوجب أن يحنث إلا أن ينوي في حلفه ألا يكلمه، يريد بكلام يقبل عليه به، فتكون له نيته في الفتوى، واختلف إن كلم غير المحلوف عليه وهو يريد أن يسمع المحلوف عليه فلم يسمعه، بدليل قوله في هذه الرواية