زوج ولا ترجع عليه اليمين، وأما أخواتها فإن اليمين ترجع عليه أبدا كلما تزوجهن.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة يُبَيِّنُهَا ما مضى من القول في المسألة التي قبلها.
أما إذا قال إن تزوجت فلانة لامرأة سماها بعينها فهي طالق فلا اختلاف أنه إذا تزوجها وحنث فيها لا تعود عليه اليمين فيها إن تزوجها مرة أخرى، وسواء قال لامرأة بعينها إن تزوجتك فأنت طالق أو إن تزوجتك أبدا فأنت طالق، وإنما يفترق التأبيد من غير التأبيد في الطلاق.
فإذا قال الرجل لامرأته فأنت طالق أبدا فهي ثلاثة، واختلف إذا قال إن تزوجت فلانة فهي طالق أبدا، فقيل: إنها ثلاث بمنزلة قوله أنت طالق أبدا، قاله ابن القاسم، ووقف في ذلك غيره، وقيل: إنها واحدة لاحتمال رجوع التأبيد إلى التزويج، وهو دليل ما في كتاب إرخاء الستور من المدونة، ويقوم مثله، بالمعنى من قول ابن القاسم في كتاب العتق منها في الذي يقول إن دخلت الدار فكل مملوك أملكه أبدا فهو حر أنه لا يلزمه العتق إن دخل الدار إلا في كل مملوك كان في ملكه يوم حلف؛ لأنه رد التأبيد إلى الدخول خلاف قول أشهب في رده إياه إلى الملك.
وأما إن قال إن تزوجت من فخذ كذا أو من بلد كذا فهي طالق، أو قال: كل امرأة أتزوجها في أمد كذا فهي طالق وما أشبه ذلك فلا اختلاف في أن اليمين ترجع عليه فيمن تزوج منهن ولو تزوجها عشرين مرة؛ لأنه لما لم يسمها بعينها صارت بعد طلاقه إياها من جملة من حلف بطلاقها إن تزوجها.
وأما إن قال إن تزوجت من بنات فلان لرجل سماه بعينه ولم يسمهن بأسمائهن إلا أنه يمكن إحصاؤهن ومعرفتهن ففي ذلك اختلاف، قيل: إنهن لا يحملن محمل التعين، إذ لم يسمهن بأسمائهن، وترجع اليمين عليه فيمن تزوج منهن أبدا، وقيل: إنهن يحملن محمل التعيين وإن لم يسمهن لأنهن