قال محمد بن رشد: اتفق مالك وأصحابه فيما علمت أن المكره على اليمين لا يلزمه اليمين إذا كان إكراهه بشي يلحقه في بدنه من قتل أو ضرب أو سجن أو تعذيب إذا كانت يمينه فيما كان لله فيه معصية أو فيما ليس له فيه طاعة ولا معصية، وسواء هدد فقيل له إن لم يحلف فعل بك كذا وكذا، أو استحلف ولم يهدد فحلف فرقا من ذلك ما لم يحلف هو متطوعا باليمين قبل أن يستحلف.
واختلف إذا أكره على اليمين بشيء من ذلك فيما لله فيه طاعة مثل أن يأخذ الوالي الجائر الشارب أو السارق أو الزاني فيكرهه على أن يحلف ألا يشرب ولا يزني ولا يسرق أو يكره الأب ابنه على نحو ذلك فيما يريد تأديبه به، فقال ابن الماجشون وأصبغ: لا يلزمه اليمين، وقال مطرف: تلزمه اليمين وهو اختيار ابن حبيب، والأصل في ذلك قول الله عز وجل:{إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦] .
واختلف هل يكون الإكراه على الأيمان بالأموال إكراها أم لا على أربعة أقوال: أحدها: أن ذلك ليس بإكراه، والثاني: أنه إكراه، وهو قول ابن الماجشون، وقاله أصبغ، إلا أنه استحب إن كان يسيرا ألا يحلف، والثالث: أن ذلك ليس بإكراه إلا أن يجتاح جميع ماله، والرابع: الفرق بين أن يأمن في جسده العقوبة إن لم يحلف مثل أن يقال له إن لم تحلف على هذا الشيء أنه ليس متاعك أخذناه، وبين ألا يأمن العقوبة في جسده مثل أن يهدده اللصوص بالضرب أو القتل على أن يطلعهم على ماله ليأخذوه، فهو إن لم يحلف ضربوه أو قتلوه، وإن أطلعهم على ماله ذهبوا فأخذوه وما أشبه ذلك، وهو قول مطرف.
وأما إذا دفع الرجل بيمينه عن غيره من يريد دمه أو ماله أو عقوبته،