اذهبي، وقال ابن كنانة: لم يحنث، فدخلنا على مالك فقضى لي عليه ورآه حانثا، فمسألتك أبين من هذا، وفي كتاب أصبغ فكأنه قضى لي عليه، ولم يقض عليه بالحنث، قال أصبغ لا شيء عليه، وقول ابن كنانة أصوب لأنه من اليمين ما هو لم تبرد اليمين ولم تبرد إلا به، وقول ابن القاسم عن مالك فكأنه قضى لي عليه ليست برواية ولا جواب، وقد سمعت ابن القاسم يقول في أخوين حلف أحدهما على صاحبه إن كلمتك أبدا حتى تبدأني، ثم حلف الآخر إن كلمتك أبدا حتى تبدأني، إن الأيمان عليهما على ما حلفا عليه، من بدأ منهما صاحبه فهو حانث، وإن حلف الثاني حين حلف ليست تبدئة تسقط بها الأيمان، وليس هذا من وجه ما أراد، قال: وقال ابن كنانة مثله.
قال محمد بن رشد: في سماع محمد بن خالد عن ابن نافع في رجل قال لصاحبه امرأته طالق إن كلمتك حتى تبدأني بالكلام فقال صاحبه: إذا والله لا أبالي. هل هذه تبدئة؟ .
قال: لا، وهذا نحو قول ابن كنانة الذي صوبه أصبغ وأخذ به. وما لزم ابن القاسم من الاضطراب في المسألة التي سمعها منه لازم له، إذ لا فرق بين المسألتين، فهو اختلاف من قوله.
والأظهر أن الحنث لا يقع بشيء من هذا الكلام؛ لأنه من تمام ما كانا فيه، فلم يقع عليه اليمين، وإنما وقعت على استئناف كلام بعد، فلا يقع الحنث بشيء من هذا على أصل المذهب في مراعاة المعاني المقصود إليها في الأيمان دون الاعتبار بمجرد الألفاظ دون المعاني، وإنما يوجب الحنث بهذا من اعتبر مجرد الألفاظ في الأيمان ولم يلتفت إلى معانيها، ويوجد من ذلك مسائل في المذهب ليست على أصوله تنحو إلى مذهب أهل العراق وبالله التوفيق.