ليعتمرن في شوال، فلما دخل شوال اعتمر، ثم إنه مرض مرضا يمنعه من المسير حتى خرج شوال، ولم يطف بالبيت.
قال ابن القاسم: هو حانث إلا أن يكون جعل لنفسه مخرجا في عقد يمينه.
قال محمد بن رشد: لم يعذره في المسألة بالمرض إذ قال فيها إنه حانث إلا أن يكون جعل لنفسه مخرجا في عقد يمينه، يريد أن ينوي إلا أن أمرض أو يمنعني مانع، وكان القياس أن يكون في حكم المكره لا يحنث، كمن حلف ألا يفعل فعلا فأكره على فعله، إذ لا سبب له في المرض، إلا أنهم فرقوا على غير قياس في الأيمان بين الإكراه على الفعل وعلى ترك الفعل، فعذروه بالإكراه على الفعل، ولم يروه حانثا به، ولم يعذروه بالإكراه على ترك الفعل إذ لا إكراه على ألا يفعله، وقد كان حلف أن لا يفعله ورأوه حانثا إلا أن ينوي إلا أن أغلب أو أمنع وقد مضى هذا المعنى في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب، ووجه استحسان التفرقة بينهما أن الرجل أملك لترك الفعل منه لفعله، ولهذا المعنى افترق البر من الحنث فحنث من حلف ألا يتزوج بالعقد، ولم يبر من حلف ليتزوجن إلا بالدخول، ومنه كان النهي أقوى من الأمر، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» . فلم يعذر الحالف على الفعل بالإكراه على الترك إلا أن ينوي ذلك، لقوة ملكه للترك، إذ يكون تاركا له بفعل ما يشاء من أضداده من غير قصد إلى شيء منها بعينه دون ما سواه، وعذر الحالف على ترك الفعل بالإكراه على الفعل وإن لم ينو ذلك لضعف ملكه للفعل، إذ لا يكون فاعلا له إلا بترك جميع أضداده، وعلى هذا من حلف ليصومن غدا فمرض مرضا يمنعه من الصيام أنه يحنث إلا أن ينوي إلا أن أمرض، بخلاف من حلف ليصومن