إلى السلطان فينبغي له أن يطلق عليه ولا يؤخره إلى الاستخبار عسى أن يكون ذلك حقا، وإن وجد ذلك الشيء الذي حلف عليه حقا قبل أن يطلق السلطان عليه فليس عليه في يمينه شيء، وهذا وجه قول مالك.
قال محمد بن رشد: قال: فيمن قال امرأته طالق إن لم يمطر غدا أو إلى رأس الشهر وما أشبه ذلك مما لا يدرى هل يكون أم لا يكون؟ إن الطلاق يعجل عليه ولا ينتظر به استخبار ذلك، وإن وجد ذلك حقا قبل أن يطلق عليه لم يطلق عليه، وذلك ينقسم على وجهين: أحدهما: أن يرمي بذلك مرمى الغيب ويحلف على أن ذلك لا بد أن يكون ولا يكون قطعا على ذلك من ناحية الكهانة أو التنجيم أو تقحما على الشك دون سبب من تجربة أو توسم شيء ظنه، فهذا لا اختلاف في أنه يعجل عليه الطلاق ساعة يحلف ولا ينتظر، فإن غفل عن ذلك ولم يطلق عليه حتى جاء الأمر على ما حلف عليه، فقيل: إنه يطلق عليه وهو قول المغيرة المخزومي وعيسى ابن دينار، وقيل لا يطلق عليه، وهو قول ابن القاسم هذا، والثاني: لا يرمي بذلك مرمى الغيب وإنما يحلف عليه؛ لأن ذلك غلب على ظنه عن تجربة أو شيء توسمه، فهذا يعجل عليه الطلاق ولا يستأنى به لينظر هل يكون ذلك أم لا يكون، فإن لم يطلق عليه حتى جاء الأمر على ما حلف عليه لم يطلق عليه، وهو قول عيسى بن دينار، ودليل قول ابن القاسم في سماع أبي زيد، وقد مضى هذا المعنى في نوازل أصبغ من كتاب النذور.
وأما إن ألزم نفسه الطلاق إن كان ذلك أو لم يكن على غير وجه اليمين فلا يعجل عليه الطلاق إلا أن يكون مما الشك فيه قائم مثل أن يقول: امرأته طالق إن كان في بطن فلانة جارية، أو إن وضعت جارية، أو يقول لامرأته: أنت طالق إن كنت حاملا، أو إن لم تكوني حاملا وما أشبه ذلك، فهذا يختلف هل يعجل عليه الطلاق أو يستأنى به حتى يعلم حقيقة ذلك،