إلا أن يشاء الله فقد قيد وقوع الطلاق عليه بذلك اللفظ وانحلال عصمة الزوجية بينهما به، بمشيئة الله، تعالى، ومشيئة الله تعالى هي إرادته، وهي صفة قديمة من صفات ذاته فعلمنا وقوع الطلاق عليه لحصول الصفة التي قيده بها وهي إرادة الله تعالى التي سبقت إرادته؛ لأن معنى قول الرجل امرأتي طالق إن شاء الله أي امرأتي طالق قد شئت ذلك إن شاء الله، أو قد أردت ذلك إن أراد الله أن أريده، ولا يريد هو ذلك ولا يشاؤه إلا وقد شاء الله وأراد أن يريد ذلك ويشاءه، إذ لا يكون شيء في ملكوت الأرض والسماء إلا بمشيئة الله تعالى، فهذا وجه قول مالك، وهو في التمثيل مثل أن يقول امرأتي طالق إن كان كذا وكذا لما قد مضى مما علمنا كونه، ويحتمل أن يكون معنى قوله امرأتي طالق إن شاء الله أي امرأتي طالق إن كان الله شرع وجوبه علي، وقد علمنا من دين النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ضرورة أن الله قد شرع وجوبه عليه إذا لفظ به ونواه، فوجب أن يلزمه، ولا يحتمل استثناؤه سوى هذين الوجهين. وقد قال بعض الناس: إن الطلاق إنما يلزمه على مذهب مالك لأن مشيئة الله تعالى مجهولة لا تعلم إذ لا يمكننا استعلامها فيطلق عليه من ناحية الشك في الطلاق، وهو قول مرغوب عنه لما يقتضي من شبه مشيئة الله تعالى بمشيئة المخلوق، إذ جعل حكم قول القائل امرأتي طالق إن شاء الله كقوله امرأتي طالق إن شاء زيد، فغاب قبل أن يعلمنا بمشيئته حيث لا يمكننا استعلامها منه، وهذا مضاه لقول القدرية القائلين بحدوث إرادة الله تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
ووجه قول من خالف مالكا - رَحِمَهُ اللَّهُ - في ذلك فلم ير عليه فيه طلاقا هو أنه حمل قوله امرأتين طالق إن شاء الله على أنه أراد بذلك امرأتي طالق إن شاء الله أن يلزمني الطلاق بقوله امرأتي طالق، وأنا لم أرد بذلك الطلاق، فلم يلزمه الطلاق؛ لأن الطلاق يفتقر عنده إلى لفظ ونية، وفي ذلك اختلاف، وقول مالك هو الصواب؛ لأن الكلام يتضمن إرادته الطلاق. ألا ترى أنه إذا قال امرأتي طالق إن كان كذا وكذا لما قد كان أن