نفسه نقلها ومنعها أن تستدين، ولو حلف بطلاقها البتة لرأيت أن لها النفقة أيضا.
قال محمد بن رشد: قوله: أرى لها النفقة لكل ما غابت وذلك أنه لو شاء أن ينقلها إلى نفسه نقلها، يدل على أنه لو أرسل إلى نقلها فأبت من الانتقال إليه وغلبته على ذلك لم يكن لها أن تتبعه بما أنفقت على نفسها واستدانته، فلا نفقة للناشز على زوجها بدليل هذه الرواية، وفي شرح الأبهري الكبير أن ذلك إجماع من أهل العلم؛ إذ الامتناع بالاستمتاع ومنها، وفي كتاب محمد بن المواز عن مالك أن لها النفقة، قال في امرأة غلبت زوجها فخرجت من منزله فأرسل إليها فلم ترجع فامتنع من النفقة عليها حتى ترجع فأنفقت على نفسها ثم طلبته بذلك، قال: ذلك لها عليه يغرمه لها، وإلى هذا ذهب سحنون في كتابه لأنه فرق بين أن تنشز عنه مدعية للطلاق أو بغضة فيه، فقال: إن نشزت عنه بغضة فيه فلها النفقة كالعبد الآبق نفقته على سيده، وذهب ابن الشقاق إلى أنها لا نفقة لها قياسا على مذهب ابن القاسم في المدونة في التي تغلب زوجها فتخرج من منزله في عدتها من الطلاق البائن وتسكن غيره أنها لا كراء لها على الزوج في البيت الذي سكنته، وليس ذلك بصحيح لأن ابن القاسم قد فرق بين المسألتين في كتاب ابن المواز، فأوجب للناشز النفقة بخلاف مسألة العدة، والفرق بينهما بيّن؛ لأن السكنى إنما يتعين لها في المسكن الذي طلقها فيه لا في ذمته فليس لها أن توجب في ذمته ما لم يجب لها فيها، وقالوا: إن الاختلاف في هذا جارٍ على اختلافهم في النفقة على الزوجات هل هو واجبة بحق العقد أو بحق الاستمتاع، ولا يستقيم ذلك لأنها لو وجبت بحق العقد لوجبت للصغيرة التي لا يوطأ مثلها على زوجها الصغير والكبير، ولو وجبت بحق الاستمتاع لسقطت النفقة عن الزوج في زوجته إذا حدث بها بعد الدخول داء لا يقدر معه على الوطء أو مرضت مرضا لا يمكن معه جماعها، فالمعنى في ذلك عندي إنما هو أن النفقة لما كانت مرة يعتبر فيها