قال ولقد بلغني عن مالك في رجل أسلف أخاه عشرة دنانير، واتخذ عليه طلاق امرأته أن يوفيه إلى شهر فمات أخوه المسلف قبل الشهر وليس له وارث إلا أخوه الحالف المستسلف، قال: أرى أن يأتي السلطان فيقضيها إياه ثم يردها عليه، قلت أفترى أنت ذلك؟ قال: نعم، إني لأستحسنه قلت: فلو لم يفعل أكنت تراه حانثا؟ قال: أحب أن يفعل، ولو وقع لم أره حانثا، وكذلك الذي يشتري الرأس ويكون ثمنه إلى أجل فيحلف بالطلاق أن يوفيه الثمن إلى أجل فيجد بالعبد عيبا يرد به أو يستحق بيديه قبل الأجل أنه لا يخرجه من يمينه حتى يوفيه الثمن إلى أجل فيعثر على البيع فيفسخ قبل الأجل لم يخرجه من يمينه حتى يوفيه ما حلف له عليه.
قال ولو كان أعطاه درهما في درهمين إلى أجل ثم حلف بالطلاق أن يوفيه إلى الأجل ففسخ البيع بينهما قبل الأجل لم يخرجه من يمينه حتى يوفيه ما حلف له عليه ثم رعه إليه.
قال محمد بن رشد: هذه المسائل كلها من شرح واحد فجرى فيها على أصل واحد وحملها على ما يقتضيه اللفظ ولم يراع في شيء منها المعنى الذي يظهر أن الحالف قصد إليه في يمينه وإن كان في بعضها أبين منه في بعض ما أذكر، أما الحميل الذي حلف ليعطين النصف الدينار الذي ادعى عليه من قبل المتحمل عنه، والغريم الذي حلف ليقضين الحق الذي ادعى عليه أنه لم يقضه فالمعنى فيهما جميعا سواء، وذلك أن كل واحد منهما حلف ليؤدين ما ادعى عليه به وهو يعلم أنه لا شيء عليه من ذلك، فالمعنى في يمين كل واحد منهما أنه إنما حلف ليؤدين إلى المحلوف له ما يدعي أن له قبله ليتخلص من دعواه ومطالبته إياه، فوجب على مراعاة المعنى إذا أقر أنه لا حق له قبله ولا مطالبة له عليه ألا يحنث إن لم يدفع إليه ما كان يدعيه قبله إذ قد برئ منه وتخلص من مطالبته إياه