منزله فأقبل المستسلف راجعا إلى منزله ومعه المسلف فبلغا المنزل حيث غابت الشمس فدخل الحالف منزله فاشتغل ببعض شأنه ونسي يمينه، فلما كان ثلث الليل أو نحوه ذكر يمينه فخرج إلى صاحبه بالمال فقضاه إياه.
قال أراه حانثا إلا أن يكون نوى بيمينه ساعة أبلغ منزلي أو أنزل منزلي يريد بذلك إذا بلغ ليقضينه، ولم يرد ساعة نزوله ولا ساعة بلوغه فأرى أن يُنَوَّى في ذلك ويحلف عليه ولا حنث عليه إذا قضاه من ليلته أو الغد.
قلت: أرأيت إن كان لم ينو ساعة يبلغ إنما أراد ليقضينه إذا جاء منزله أتراه في سعة من تأخير القضاء اليوم واليومين أو الثلاثة أو كم تراهما في سعة من ذلك؟ فقال اليوم والليلة.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه حانث إلا أن يكون نوى إذا بلغ ليقضينه ولم يرد ليقضينه ساعة بلوغه صحيح على أصولهم في أن يمين الحالف إذا عريت من النية والبساط محمولة على ما يقتضيه لفظا في اللسان أو على أظهر محتملاته إن كان محتملا لوجهين أو أكثر، وقوله ساعة يبلغ يقتضي أن يقتضيه في تلك الساعة بعينها فإن أخر قضاءه عنها وجب أن يحنث ونواه مع يمينه يريد إذا طولب بالطلاق ولم يأت مستفتيا لأن الساعة لما لم تكن مؤقتة ولا محدودة احتمل أن يريد بها الساعة التي يصل فيها بعينها وأن يريد بذلك التعجيل، فوجب أن يصدق في أنه إنما أراد بذلك أن يعجل له حقه إذا بلغ ولا يمطله به مع يمينه على ذلك إن كان مطلوبا ولم يأت مستفتيا فلا يحنث إذا قضاه فيما دون الليلة واليوم مما يكون إذا فعله فقد عجل له حقه ولم يمطله به، ولو حلف ليقضينه حقه إذا جاء منزله ولم يرد بذلك التعجيل لما حنث بتأخيره قضاءه إذا جاء منزله إلا أنه لا يجوز له أن يطأ حتى يقضيه؛ لأنه على حنث ويدخل عليه الإيلاء إن رافعته امرأته وطلبته بحقها في الوطء، فهذا وجه القول في هذه المسألة، وبالله التوفيق.