قد استثنيت سرا، وحركت به لساني، نوى ذلك، ولم يكن عليه شيء.
وهذا وما أشبهه مخالف للطلاق والعتق وما أشبههما.
قال ابن القاسم: وكل ما وصفت لك من تفسير صور هذه المسألة، فإنما ذلك إذا أحلفه غريمه، فأما إذا تطوع له باليمين من غير أن يسأله ذلك الغريم، ولا أن يلجأه إليه، فكل ما حلف به فهو يلزمه على ما أظهر، وهو لا ينفعه ما أسر من لغز ولا استثناء، لا في المشي إلى بيت الله، وفي نذر، ولا في شيء مما يحلف به متطوعا.
قال محمد بن رشد: قوله في الذي يستحلف غريمه بالطلاق فيقول: إنما نويت واحدة، أو استثنيت سرا، وحركت لساني: إن الطلاق يلزمه بما استحلف عليه، هو مثل ما مضى في قوله في رسم حمل صبيا، من سماع عيسى، ومثل قول ابن الماجشون وسحنون أن اليمين على نية المستحلف، لا على نية الحالف، خلاف قول مالك في رسم البز، من سماع ابن القاسم، وقول ابن وهب في سماع زونان عنه، الواقع عنه، وفي رسم حمل صبيا أيضا، من سماع عيسى.
وتفرقته في هذا بين ما يقضي عليه به، وما لا يقضى عليه به، هو مثل ما له في سماع أصبغ في كتاب النذور، وأما قوله: إنه إذا تطوع له باليمين من غير أن يسأله ذلك، فلا ينفعه ما أسر من لغز أو استثناء في شيء من الأشياء، بخلاف إذا سأله ذلك واستحلفه، فهو مثل قوله في رسم أوصى، من سماع عيسى، في كتاب النذور، وخلاف قوله، في سماع أصبغ منه، وهذه مسألة تتفرع إلى وجوه، والاختلاف فيها كثير قد مضى تحصيله في رسم شك في طوافه، من سماع ابن القاسم، من كتاب النذور، وبالله تعالى التوفيق.