قال: يحنث ولا يدين؛ لأن الفعل الذي أقر ألا يفعله قد ثبت عليه أنه فعله بعد إقراره باليمين التي زعم أنه حلف بها ألا يفعل ذلك الفعل، قال: ومن قال: لقد كلمت اليوم فلانا، أو أتيت فلانا، أو أكلت طعاما كذا وكذا، ثم عوتب في بعض ذلك فقال: امرأته طالق إن فعل شيئا من ذلك، فإنه يدين ويحلف بالله ما فعل الذي حلف أنه لم يفعله مما كان زعم أنه قد كان فعله، وأنه إنما كان كذب أولا، ثم لا حنث عليه إلا أن تقوم عليه بينة بعد يمينه بالطلاق، أنه لم يفعل ذلك الشيء، فشهدت البينة أنه فعله قبل أن يحلف فيحنث، أو يقر بعد يمينه أنه كان فعله، فيلزمه أيضا الحنث بإقراره.
قال: ومن شهد عليه قوم بحق لرجل أو أنه فعل شيئا ينكره، فقال بعد شهادتهم عليه: امرأته طالق إن لم يكونوا شهدوا عليه بزور، وما كان لفلان قبلي شيء، وما فعلت الذي شهدوا به علي، وإلا فامرأته طالق، فإنه يدين ويحلف أنهم كذبة في شهادتهم، ويحبس عن امرأته، فإن أقر بتصديق الشهداء أو جاء آخرون فشهدوا على تصديق شهادة الأولين الذين حلف بتكذيبهم حنث في يمينه، قال: وكذلك لو حلف بالطلاق إن كان لفلان عليه كذا وكذا، وإن كان كلم اليوم فلانا، فشهد عليه عدول بإثبات الحق، أو أنه كلم ذلك الرجل، فإن الحنث يلزمه.
قال محمد بن رشد: هذه المسائل كلها صحاح، وأصلها في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة، وتكررت في أول سماع ابن القاسم، من كتاب الشهادات، ولا اختلاف أحفظه في شيء منها، وتلخيصها أن اليمين على الفعل بالطلاق كان ببينة أو بإقرار، إذا تقدم على الإقرار بالفعل أو الشهادة