فقال: هو حانث إذا صبه دون البلاعة، إلا أن يكون نوى لأهريقنه، أو لأتلفنه، وكانت تلك نيته إذا لم تقم؛ لأن مالكا قال في مسألة الرجل يحلف لامرأته لتبيتن في هذا البيت، فتبيت على دكان في باب البيت؛ لأنها استأذنته على بيت أهلها، فأبى وحلف بما حلف به، وذكر مسألة مالك في رجل يشتري ثوبا لامرأته فكرهته، فحلف ألا تلبسه فرده، فاشترته المرأة فلبسته، فقال مالك: هو حانث إلا أن يكون نوى وأراد ألا تلبسه من ماله، والآخر حانث إلا أن يكون نوى بقوله: لا تبيت في هذا البيت، يريد ألا تسيري إلى أهلك، ولم يرد البيت بعينه.
قال ابن القاسم: وأصل هذا أن ينظر إلى ما لفظ به، فيؤخذ به إلا أن تكون له نية، فيحتمل على نيته، وذلك أن مالكا سئل عن رجل قال لرجل: سرقت مني دينارا فقال: أنا سرقته، امرأتي طالق إن كان لك عندي دينار، فذهب ينظر فإذا جاريته سرقته وجعلته عنده، فقال مالك: هو حانث إلا أن يكون نوى عمله، وأراد ذلك، وقد سئل مالك أيضا عن رجل سئل سلفا، فقال: امرأتي طالق إن كان لي شيء أملكه، وليس ذلك له، ثم طلع له مال قد كان ورثه، ولم يكن علم به، قال مالك: هو حانث إلا أن يكون نوى أني لا أملك شيئا أعلمه، فإنما يؤخذ الناس بما لفظوا، فيحمل به على قولهم إلا أن تكون لهم نية، وذلك أن رجلا سأله عن رجل حمل لرجل جلودا، فلما بلغه غايته جعل الجلود على يدي رجل حتى يوفي الكري كراءه، فلما وفاه قال له الكري: احلف لي أنه ليس لغيرك فيه شيء، فنظر إلى علامة، فلم ينكر شيئا فحلف له، ثم نظر فإذا الذي كانت عنده قد أبدل منها شيئا،