قال محمد بن رشد: الحالف على نفسه بالطلاق ألا يفعل فعلا، مثل أن يقول: امرأتي طالق إن ضربت عبدي، كالحالف على غيره بالطلاق ألا يفعل فعلا سواء، وهو على بر في الوجهين جميعا، لا يمنع من وطء امرأته، ولا يحنث إلا بالفعل، وله إن كانت يمينه على ذلك بعتق عبد يبيع العبد إن شاء، ولا خلاف في هذا الوجه، وكذلك الحالف بطلاق على نفسه أن يفعل فعلا إلى أجل، مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أضرب عبدي إلى شهر، كالحالف على غيره بالطلاق أن يفعل فعلا إلى أجل سواء، وفيها جميعها لابن القاسم قولان؛ أحدهما: أنه ليس له أن يطأ امرأته إلى ذلك الأجل، وهو قوله هاهنا في الذي يقول: إن لم يقدم أبي في رأس الهلال فامرأته طالق، أنه لا يمس امرأته حتى الأجل، وهو قول غير ابن القاسم في العتق الأول من المدونة، ويدخل عليه الإيلاء إن كان الأجل أكثر من أربعة أشهر.
والثاني: أن له أن يطأ إلى ذلك الأجل، وهو قوله في آخر المسألة، وقد قال ابن القاسم: يطأ امرأته إذا ضرب أجلا، وقول ابن القاسم في المدونة أيضا، وهذا القول أصح على مذهبه ومذهب مالك؛ إذ لم يختلف قولهما في أنه على بر، وفي المدنية لابن أبي حازم أنه على حنث، سئل عن رجل قال: إن لم أضرب عبدي قبل الهلال، فامرأتي طالق، فمات العبد قبل الهلال، وقبل أن يضربه، قال: أمره أبين من كل شيء عندي، هي طالق.
قال ابن القاسم: هذا باطل، وقول مالك: لا طلاق عليه.
أما الحالف بالطلاق على نفسه أن يفعل فعلا من غير أن يضرب لذلك أجلا، مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أضرب عبدي وما أشبه ذلك، فإنه يفترق من الحالف بذلك على غيره، فأما إذا حلف بذلك على نفسه، فلا اختلاف في أنه على حنث، ويحال بينه وبين امرأته، فإن طلبته الوطء ضرب له أجل المولي، وأما إذا حلف بذلك على غيره، فاختلف قول ابن القاسم في ذلك على ثلاثة أقوال؛ أأحدها: أنه كالحالف على نفسه سواء، وهو قول ابن القاسم، في رسم حمل صبيا بعد هذا: إنه إن قال: إن لم يحج فلان فامرأتي طالق، فهو بمنزلة من قال: إن لم أحج فامرأتي طالق، ألا يطأ