رأى ذلك متبعا لظاهر القرآن، إذ ليس فيه نص على وجوب الترتيب، فإنه بشهادة أحدهم أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فيحتمل أن يكون معنى قوله بعد ذلك: ويدرأ عنها العذاب إن كان الزوج هو الذي ابتدأ بالأيمان، فلهذا قال: إن المرأة إذا التعنت قبل الدخول وماتت يقال للرجل ما يقال للمرأة إذا التعن الرجل قبلها ثم مات: إما أن تلتعني فيسقط عنك الحد ولا يكون لك الميراث، وإما ألا تلتعني فتحد ويكون لك الميراث، إن المرأة إذا التعنت قبل الرجل ولم تمت التعن الرجل ولم تعد المرأة اللعان.
وذهب أشهب إلى أن ترتيب اللعان على ما ذكر الله في القرآن واجب فقال: إنه إن التعنت المرأة قبل الرجل التعن الرجل وأعادت المرأة اللعان، وإنما هو إذا حلفت المرأة أولا كما يحلف الرجل على تكذيب أيمانه، إذ لم يتقدم له يمين، فقالت: أشهد بالله إني لمن الصادقين ما زنيت وإن حملي هذا لمنه، وقالت في الخامسة: غضب الله عليها إن كانت من الكاذبين، فهاهنا قال ابن القاسم يلتعن الرجل فيقول: أشهد بالله إنها لمن الكاذبين ولقد زنت وما حملها هذا مني، ويقول في الخامسة لعنة الله علي إن كانت من الصادقين، ولا تعيد المرأة اللعان. وقال أشهب: يلغى لعان المرأة أولا ويبتدئ الرجل باللعان ثم تلتعن المرأة بعده.
وأما إن حلفت المرأة أولا فقالت: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، وقالت في الخامسة: غضب الله علي إن كان من الصادقين، فلا اختلاف بينهما في أن أيمان المرأة ملغاة؛ لأنها حلفت على تكذيب أيمان الزوج وهو لم يتقدم له يمين والله أعلم. وقول ابن القاسم هذا على أصله في الصبي يقوم له شاهد على حقه فيبدأ المدعى عليه باليمين ثم يبلغ الصبي