الصرف إلا بالمناجزة ولو كان الدافع هو الذي ادعى المناجزة في الصرف، وقال القابض: إنما وضعتها على يدي حتى تناجزني فيها لكان القول قول الدافع عند مالك على أصله، ووجه قول ابن القاسم أنه حمل قوله وضعتها على يديك حتى أناجزك فيها على أنه إنما وعده بالمصارفة بها، ولم يوجب ذلك على نفسه، فوجب أن يكون القول قوله؛ لأن القابض مدعى عليه ما لم يقر له به من المصارفة، وهو أظهر من قول مالك.
ولو كان القابض هو الذي قال: إنما وضعتها على يدي حتى تصارفني بها وقال الدافع: بل صارفتك بها لكان القول قول القابض عند ابن القاسم على أصله.
ولو ادعى أحدهما القابض أو الدافع أنه صارفه بها مصارفة فاسدة مثل أن يقول: صارفتك بها على أن أحدنا بالخيار، أو على أن نبدل لك ما وجدت فيها من زائف وقال الآخر: بل ناجزتك فيها دون شرط لكان القول قول مدعي المناجزة منهما عندهما جميعا على أصولهم في أن القول قول مدعي الحلال من المتبايعين.
ولو قال أحدهما: صارفتني فيها، وقال الآخر: لم أصارفك فيها ولا ذكرنا صرفا وإنما كانت وديعة لكان القول قول من قال منهما إنما كانت وديعة عندهما جميعا، فهذا وجه القول في هذه المسألة، وقد كان بعض الشيوخ يصرفها إلى كتاب الكفالة من المدونة في الرجل يكون عليه للرجل مائة درهم من قرض ومائة درهم من كفالة، فيدفع إليه مائة درهم فيقول القابض: المائة التي قبضت هي الكفالة، ويقول الدافع: بل هي القرض، ويقول قول مالك في هذه المسألة مثل قول غير ابن القاسم في كتاب الكفالة وليس ذلك بصحيح؛ لأن المسألتين مفترقتان في المعنى فلا يصح حمل إحداهما على الأخرى، ألا ترى أن مسألة كتاب الكفالة قول ابن القاسم فيها أن المقبوض يقسم على الحقين، يريد بعد أيمانهما وذلك لا يصح في هذه المسألة لأنه حق واحد، وبالله التوفيق.