مما اشترى عليه ورضي به فلا ينقص منه على حكم من باع سلعة بثمن ما مرابحة، ثم جاء بعد أن فات أنه اشتراها بأكثر من ذلك. وقد قال ابن دحون على إتباع ظاهر هذه الرواية أن الحكم فيها حكم من ابتاع سلعة بعشرة وصبغها بعشرة وباعها مرابحة بعشرين: إن المشتري يخير في القيام ويمضي بالثمن في الفوات، وهو غلط بين، إذ لا شبه بينها وبينها، فالحكم في هذه المسألة: إذا اشترى الرجل سلعة بنصف دينار فقد صرفه خمسة عشرة درهما، ثم باعها مرابحة على أن شراءها نصف دينار، ولم يبين ما نقد فيه من الدراهم، أن ينظر إلى صرف النصف الدينار من الدراهم يوم باعها مرابحة، فإن كان أقل من خمسة عشر درهما والسلعة قائمة، خير المشتري بين أن يأخذها على أن شراءها خمسة عشر درهما أو يتركها، إلا أن يشاء البائع أن يسلمها له على ما باعها عليه من أن شراءها نصف مثقال، وإن كانت السلعة قد فاتت ولم يرض المشتري أن يربحه على ما فقد فتكون عليه القيمة، إلا أن تكون أكثر من الخمسة عشر درهما وربحها، فلا يزاد البائع على ذلك، أو يكون أقل من صرف الدينار يوم اشتراها مرابحة، والربح على ذلك فلا ينقص من ذلك؛ لأنه قد رضي به، وإن كان صرف نصف الدينار يوم اشترى المشتري مرابحة أكثر من الخمسة عشر درهما التي نقد البائع فيها والسلعة قائمة، خير البائع بين أن يسلمها له بالخمسة عشر درهما التي نقد فيها أو يأخذ سلعة، إلا أن يرضى المبتاع بأخذها على ما اشتراها عليه من أن شراءها نصف دينار، فيؤدي صرفه بالغا ما بلغ، وما يجب لذلك من الربح؛ وإن كانت السلعة قد فاتت، فهنا قال في المدونة وغيرها: إنه يكون على المبتاع الخمسة عشر درهما التي نقد البائع فيها، وقد كان القياس أن يكون في ذلك القيمة معتبرة أيضا بالأقل والأكثر، إلا أنهم لم يقولوا ذلك. وقوله في الرواية: وباعه مرابحة وانتقض الصرف، معناه: وباعه مرابحة بعد أن انتقض الصرف على أن شراء نصف دينار ولم يبين ما نقد فيه، وعلى هذا أتى جوابه في المسألة، والله أعلم.