إلى أجل فذلك الذي لم يشك فيه قط، ولم يختلف علينا فيه قوله إنه حرام لا يجوز، وقال أصبغ مثله.
قال محمد بن رشد: الأصل في هذه المسألة ما ثبت من «نهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المزابنة» ، والمزابنة مأخوذة من الزبن وهو الدفع، فمعنى المزابنة المغاررة، وهو أن يغار كل واحد من المتبايعين صاحبه في المعنى الذي غارره فيه؛ وهي تنقسم على قسمين: أحدهما: أن تكون في صنف واحد، والثاني: أن تكون في صنفين. فأما الصنف الواحد فالمزابنة تدخل فيه، كان بالنقد أو إلى أجل، وذلك مثل أن يبيع منه جزافا بجزاف أو جزافا بمكيل، فهذا لا يجوز نقدا ولا إلى أجل؛ وأما الصنفان فإن المزابنة لا تدخله إلا في النسيئة، وذلك على وجهين: أحدهما: أن يبيع منه شيئا بما يحول فيه عينه إلى أجل، والثاني: أن يبيع منه شيئا بما يتولد عنه مع بقاء عينه إلى أجل؛ فأما إذا باع منه شيئا بما تحول فيه عينه إلى أجل، فلا اختلاف في أن ذلك لا يجوز، وذلك مثل أن يبيع منه صوفا بثياب صوف إلى أجل أو كتانا بثياب كتان إلى أجل، أو شعيرا بقصيل إلى أجل يمكن أن يكون إلى ذلك الأجل من الصوف والكتان ثياب، ومن الشعير قصيل، وما أشبه ذلك.
وأما إذا باع منه شيئا بما يتولد منه مع بقاء عينه إلى أجل، فذلك على وجهين: أحدهما: أن يكون أصل التولد فيه موجودا حال العقد، والثاني: لا يكون فيه وإنما يحدث بعده، فأما إذا كان أصل التولد موجودا فيه مثل أن يبيع منه شاة لبونا بلبن إلى أجل، أو دجاجة بياضة ببيض إلى أجل، وما أشبه ذلك، فهو وجه يتحصل فيه أربعة